وسيدنا عمر الفاروق (ض) من أكبر أعداء هذه القلوب الحاقدة المنافقة، صرفت هذه الطائفة الماكرة قسطا كبيرا من مساعيها وجهودها الفاشلة إلى توجيه الطعن إلى حرم النبوة أمهات المؤمنين السيدة عائشة وحفصة (ض).
[أولا - حديث الإفك]
كانت غزوة المريسيع في شعبان سنة خمس فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - على بئر لبني المصطلق يقال له ((المريسيع)) قريبا من نجد، فقاتلوا المشركين، وقد خرج معهم جماعة من المنافقين لم يخرجوا قط في غزاة قبلها، لأنهم ظنوا أنه لا يحدث شيء، ولا تنشب معركة دامية، يقول ابن سعد:((وخرج معهم بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قط مثلها)) (١).
وقبل الخروج أقرع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أزواجه حسب عادته فأيهن خرج سهمها خرج بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، تقول عائشة (ض): ((فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكانت عائشة قد استعارت عقدا من أختها أسماء، وكان في عنقها وكانت سموطه تسقط وتتقطع، فانقطع هذا العقد، وهي يومئذ في الرابعة عشرة من عمرها، فقلقت عليه كما هي عادة البنات في مثل هذا العمر وهي تحسب وتعتبر الحلية المتواضعة البسيطة من أغلى الأشياء عندها، وتستعد لتحمل أي مشقة في سبيل الحصول عليها.
تقول (ض): ((فأقبل الذين يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهن اللحم، وإنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج، فاحتملوه، وكتت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل
وسارو)).
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ٦٣/ ٢ غزوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المريسيع. قلت الأصح سنة ست، انظر: الحاشية رقم (٣) ص (٩٠).