للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقبل على الناس ثم تشهد فقال: ((أما بعد فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها)) (١) ولما زال خوف الفرضية وذلك بعد انقطاع الوحي بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أداها الصحابة بالمواظبة والمداومة، فالذين ينظرون إلى أصل الحديث يقولون إنها مستحبة، لكن الذين اتبعوا الصحابة قالوا: إنها سنة مؤكدة.

[حقيقة مناسك الحج]

قد يستشكل بعض الجهلة أن مناسك الحج كلها - مثل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار - هذه الأعمال كلها ليس فيها فائدة ظاهرية، لكن عائشة (ض) تفحم هؤلاء الجهلة فتقول: ((إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل)) (٢) يعني أن الهدف الحقيقي ليس هذه الأعمال فحسب، بل إنها مواضع لذكر الله تعالى، كما نص القرآن الكريم إشارة على أن هذه المناسك كانت طريقة مسلوكة لأداء العبادة أيام زمن إبراهيم، والحج الذي هو تذكار لسنة إبراهيم (س) فرض فيه الطريقة السابقة للعبادة، ويجب على كل مسلم مستطيع أن يقوم بأدائها مرة واحدة في عمره كله.

[النزول في وادي المحصب]

المحصب اسم لواد عند مكة المكرمة، نزل به النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام الحج، ثم تبعه الخلفاء الراشدون بعده فنزلوا به، ويرى ابن عمر (ض) أن النزول في وادي المحصب من سنن الحج (٣)، لكن عائشة (ض) كانت لا تعتبره سنة ولا


(١) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين برقم ٧٦١، وصحيح البخاري كتاب الأذان برقم ٧٢٩، وكتاب الجمعة برقم ٩٢٤، وكتاب صلاة التراويح برقم ٢٠١٢.
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٦/ ٦٤ برقم ٢٤٣٩٦، وسنن أبي داود كتاب الحج برقم ١٨٨٨، وصحيح ابن خزيمة كتاب الحج ٢٧٩/ ٤ برقم ٢٨٨٢، وسنن الدارمي برقم ١٨٥٣.
(٣) ((كان يرى التحصيب سنة)) صحيح مسلم كتاب الحج برقم ١٣١٠.

<<  <   >  >>