للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العشرة الزوجية ونظر الإسلام إلى المرأة مقارنة بنظر الشرق والغرب]

يتباين تفكير الغرب والشرق تجاه المرأة تباينا واضحا، فأهل الشرق يعتقدون أن حبها وصمة عار على جبين القداسة، ووظيفتها هي التقيد بحدود البيت وعدم التجاوز عنه. بينما يرى الغرب أنها الإله أو مثل الإله، ويعتبرون رضا المرأة رضا الله تعالى، ويقولون: إن أي مذهب أو دين إذا أعطى للمرأة كامل حقوقها ومكانتها الحقيقية فذلك أكبر دليل وأسطع برهان على كونه معقولا ملائما للعقل البشري السليم.

وتختلف وجهة نظر الإسلام تجاه المرأة عن النظرتين السابقتين حيث يسلك فيها طريقا وسطا عدلا لا إفراط فيه ولا تفريط، فكما أنه لا ينزلها منزلة الإله، فهو لا يعتبرها من سقط المتاع، أو حاجزا وعائقا في طريق الحياة، وقد أحسن الإسلام إذ عرفها ((أنها وسيلة للسكون، وذريعة لاطمئنان الإنسان في هذا العالم)).

يقول الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١].

ولسنا في هذه العجالة بصدد الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام وحقوقها، وإنما الذي نقصد إليه هو إبراز جوانب العلاقات الزوجية، والعشرة الزوجية العملية في حياة عائشة.

ويقول الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)) (١) وخير تصديق عملي لهذا الحديث الشريف هو أن عائشة (ض) دامت حياتها الزوجية النادرة زهاء تسع سنين، ومن الحق أن توصف بأنها حياة زوجية سعيدة، ولا نعرف بين أزواج الهداة والعظماء من ظفرت بأسعد منها أو


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه ٤٨٤/ ٩ برقم ٤١٧٧ و٤٩١/ ٩ برقم ٤١٨٦، والترمذي في سننه كتاب المناقب برقم ٣٨٩٥، وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم ١٩٧٧ والدارمي في سننه باب في حسن معاشرة النساء برقم ٢٢٦٠، وأورده الهيثمي في
مجمع الزوائد ٣٠٣/ ٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٤٦٨/ ٧.

<<  <   >  >>