للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - إن من أسباب قلة الأخطاء في مرويات عائشة (ض)، أن عامة الناس كانوا يسمعون حديثا أو يشاهدون قصة مرة واحدة فيحدثون بها ويروونها، بينما عائشة (ض) كان منهجها شديدا جدا في هذا الباب، حيث إنها لا تروي حديثا أو قصة إلا إذا اقتنعت بموردها وتفهمه جيدا، وإذا أشكل عليها أمر فلا يهدأ لها بال ولا يقر لها قرار حتى تراجعح النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر حتى يطمئن قلبها (١)، ولا شك أن هذه الفرصة قلما تتوفر لآخرين.

ولذا نرى أن هناك عددا كبيرا من الروايات اختلفت فيها رواية عائشة عن رواية الصحابة الآخرين، نظرا إلى المصالح والأسباب والحكم، وسوف نتحدث عن ذلك بشيء من التفصيل في مبحث ((علمها بأسرار الشريعة)).

كان من عادتها (ض) أنها إذا لم تلق الحديث من فم النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، وإنما حدثها به أحد غيره، تسلك في ذلك طريق التحري والأخذ بالحيطة، وتفحصه فحصا كاملا ثم تعتمد عليه، ذات مرة خدثت بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص. حدثها به عروة، ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد، فقالت: ((يا ابن أختي (تقصد عروة) انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه، يقول عروة: فجئته فحدثني به كنحو ما حدثني فأتيت عائشة فأخبرتها، فعجبت وقالت: والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو)) (٢).

[التحري في رواية الحديث]

ولهذا السبب لو جاء أحد يطلب منها أن تحدثه بحديث حدثها به شخص آخر، فلا تسرع في رواية الحديث، وإنما ترسل الطالب إلى الشخص نفسه الذي حدثها به وذلك لكي يتلقى الحديث من مصدره المباشر، كما يكون


= الكبرى ١٢٣/ ٤ برقم ٧٢٣١، وأبو داود في سننه باب في الخرص برقم ٣٤١٣، وعبد الرزاق في المصنف ١٢٣/ ٤ برقم ٧٢٠٣.
(١) أخرج البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة: أن عائشة (ض) كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، (كتاب العلم باب من سمع شيئا فراجع برقم ١٠٣).
(٢) صحيح البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة برقم ٧٣٠٧.

<<  <   >  >>