بهذا الفصل نكون قد قطعنا آخر شوط من هذا الكتاب ووصلنا إلى نهاية مطافه, ولذا رأينا من المناسب أن يكون مسك ختام هذا السفر المختصر وخاتمته تلك الخدمات الجليلة والمآثر العظيمة التي قامت بها أم المؤمنين عائشة (ض) لصالح أخواتها من بنات حواء.
وأكبر فضل وأعظم منة منت بها أم المؤمنين عائشة (ض) على سائر صنف الأنوثة هو أنها أثبتت للعالم أن المرأة المسلمة رغم كونها وراء الحجاب فإنها قادرة على القيام بكل المسؤوليات والواجبات، سواء كانت في مجال الدعوة والإرشاد أو الوعظ والنصيحة والتعليم والتربية أو ميدان السياسة والاجتماع، وبالجملة فإن حياة أم المؤمنين ميزان صادق لتلك المكانة والمرتبة التي أنعم بها الإسلام على المرأة، ونموذج حي للدرجة العالية التي تبوأتها المرأة في الشريعة الإسلامية، حيث رفعتها درجات فوق أرفع درجة بلغتها بين العرب أو بين الأمم الأخرى، وجاء الإسلام فبدأ من النهاية التي انتهت إليها آداب الحضارة والسعادة في معاملة المرأة، ووهبها منزلة من الرعاية لم تصل إليها أرفع النساء في أرفع البيوتات قبل الدعوة المحمدية، ولو كان هناك من الصحابة من يصدق عليهم خطاب ((مسيح الأمة المسلمة)) واستأهلوا أن يكونوا ((هارون)) العهد المحمدي، فالحمد لله على أنه يوجد في الصحابيات من كانت ((مريم)) الدين المحمدي.
كانت الصابيات يعرضن قضاياهن على النبي - صلى الله عليه وسلم - بواسطة أم المؤمنين (ض) وهي تشفع لهن وتقف بجانبهن وتطالب بحقوقهن المشروعة الكاملة وتدافع عنهن، وإليها وحدها كانت تتطلع أبصار المستضعفات والمضطهدات، كما حدث مع زوجة عثمان بن مظعون (ض) حيث دخلت على