للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعائشة (ض) قد نالت من هذا العلم الحقيقي حظا وافرا ونصيبا كاملا، ولم يقتصر مجال تعلمها ونطاق دراستها على حصول العلوم الدينية فحسب، بل كانت بارعة حتى في علوم التاريخ والطب (١) والأدب، وقد ورثته من (٢) أبيها.

أما الطب فقد تعلمته من وفود العرب التي كانت تفد على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتنعت له الأنعات، ولما سألها عروة فقال: أعجب من علمك بالطب كيف هو؟ ومن أين هو؟ فقالت: أي عرية إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسقم عند آخر عمره أو في آخر عمره، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات، وكنت أعالجها له فمن ثم)) (٣).

[مراجعة عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل ما يشكل عليها]

هذا ولم يكن هناك ساعات محددة أو حصص خاصة لتحصيل العلم، لأن معلم الشريعة - صلى الله عليه وسلم - كان بنفسه موجودا في البيت، وكانت (ض) تنال شرف صحبته ليل نهار، [.......] * تقام في المسجد النبوي يوميا، وحجرتها (ض) كانت ملاصقة للمسجد، ولذا فإنه كانت تتوافر لها فرص الاستفادة من تلك الدروس التي يلقيها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أمام الجماهير خارج البيت، وحين يشكل عليها أمر من الأمور ولا تفهمه أو لا تسمعه جيدا فإنها كانت تستفسر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه عندما يأتي البيت (٤)، وأحيانا تقترب من المسجد حتى تسمع من قريب، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد خصص يوما في الأسبوع لتعليم النساء ووعظهن (٥)، فكانت (ض) تعي من سنن


(١) أخرج الحاكم في المستدرك عن عروة قوله: ((ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة أم المؤمنين))، (١٢/ ٤ برقم ٦٧٣٣).
(٢) يدل عليه قول عروة فيما أخرجه الإمام أحمد: كان عروة يقول لعائشة (ض): ((يا أمتاه لا أعجب من فهمك؛ أقول زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت أبي بكر. ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس؛ أقول ابنة أبي بكر، وكان أعلم الناس أو من أعلم الناس ..)) ٦/ ٦٧ برقم ٤٢٥/ ٢٤.
(٣) نفس المصدر.
(٤) انظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل ٧٥/ ٦ برقم ٢٤٥١١ وكذلك ٢٤٥٠٧ وكذلك ٢٤٥١٤.
(٥) أخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - =

<<  <   >  >>