للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما حج معاوية مر على عائشة فاستأذن عليها فأذنت له، فلما قعد قالت له: أأمنت أن أخبئ لك من يقتلك؟ قال: بيت الأمن دخلت، قالت: يا معارية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قال: لست أنا قتلتهم، إنما قتلهم من شهد عليهم (١).

وفي رواية أخرى: قالت: يا معاوية أين كان حلمك عن حجر؟ فقال لها: يا أم المؤمنين لم يحضرني رشيد (٢).

وروى مسروق التابعي عن عائشة (ض) قالت: ((أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجرا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام. ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقها، ولله در لبيد حيث قال:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

يتأكلون مغالة وملاذة ... ويعاب قائلهم وإن لم يشغب (٣)

[رأي عائشة في الخوارج]

كان أهل العراق ومصر يسبون عثمان (ض)، وأهل الشام كانوا يسبون عليا، أما الخوارج فيسبونهما، فلما أخبرت عائشة (ض) بذلك قالت: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم)) (٤).

قال الإمام النووي: قولها ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم)) الظاهر أنها قالت هذا عندما سمعت أهل مصر يقولون في عثمان ما قالوا، وأهل الشام في علي ما قالوا، والحرورية في الجميع ما قالوا (٥). وكانت الخوارج لما اعتزلوا عليا (ض) نزلوا في موضع ((حروراء)) وتعاقدوا عندها على قتال أهل


(١) انظر: تاريخ الطبري ٢٣٢/ ٣ والسيرة الحلبية ١٦٣/ ٣.
(٢) تاريخ الطبري ٣/ ٢٢٠.
(٣) انظر: الاستيعاب لابن عبد البر ٣٣٢/ ١، انظر ديوان لبيد ١٥٦ - ١٥٧.
(٤) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه كتاب التفسير برقم ٣٠٢٢.
(٥) شرح النووي لصحيح الإمام مسلم ١٥٧/ ١٨ ط: دار إحياء التراث العربي بيروت.

<<  <   >  >>