للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عائشة (ض) فكانت شابة، وقد مكنتها هذه المرحلة من العمر من أن تزداد كل يوم نموا في العقل وتطورا في الفهم وعمقا في النظر والتفكير، وبالتالي فقد قدر لها أن تنال شرف صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى اللحظات الأخيرة من حياته، بكل جدارة ولياقة، فكانت النتيجة بطبيعة الحال أن تكون هي أوسع علما وأكثر معرفة واطلاعا على أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخباره من غيرها من أمهات المؤمنين.

وقد تزوح الرسول سائر الأزواج المطهرات إلا سودة بعد عائشة (ض) بفترة طويلة، ومع ذلك لم يحصلن إلا يوما واحدا من كل ثمانية أيام لخدمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن عائشة (ض) تحظى يومين يوم لها ويوم لسودة، لأنها وهبت نوبتها لعائشة، كما أن حجرة عائشة (ض) كانت ملاصقة للمسجد النبوي الشريف المدرسة الأولى في الإسلام، حيث تعقد حلقات الدروس والوعظ والإرشاد، وكان المعلم هو سيد المرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكان المسجد المنبع الأصلي والمصدر الحقيقي للأحاديث الشريفة.

فكان من الطبيعي أن لا تدانيها أي واحدة من أمهات المؤمنين في معرفة الأحاديث، والاطلاع على الآثار، وهي تعد من كبار حفاظ السنة من الصحابة، ولم يسبقها أحد من الصحابة ولا وصل إلى مكانتها المتميزة في الحديث سوى خمسة أشخاص من الرجال، فما بالك بالنساء؟!

[أم المؤمنين عائشة وكبار الصحابة والمكثرون منهم]

أما كبار الصحابة أمثال أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي (ض)، فإنهم وإن كانوا على أرفع مكانة وأعلى درجة في نيل شرف صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولهم باع في الفهم والإدراك وبعد في النظر والتفكير أكثر من عائشة (ض)، إلا أن الزوجة هي الزوجة، وما تتمكن من معرفته في شهور لا يتمكن من معرفته خاصة الأصحاب في سنين، وهناك جانب آخر وهو أن هؤلاء الكبار من الصحابة قد انشغلوا بأمور الخلافة وقضايا الناس، ورغم ذلك ما رووه من الأحاديث حول موضوع الخلافة وما أصدروا من الأحكام هي التي ينبني عليها

<<  <   >  >>