للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرحى، فأطاف بهم المسلمون فقتلوهم، وجمع الله عز وجل كلمة أهل البصرة على ما أجمع عليه الزبير وطلحة، فإذا قتلنا بثأرنا وسعنا العذر، وكانت الوقعة لخمس ليال بقين من ربيع الآخر سنة ست وثلاثين)) (١).

[معركة الجمل]

خرج علي (ض) من المدينة ومعه مبعمئة شخص، فلما وصل إلى الكوفة اجتمع معه سبعة آلاف، وأهل البصرة كانوا ينتظرونهم، فلما وصلوا إلى البصرة كانوا حوالي عشرين ألفا.

أما عائشة (ض) فاجتمع حواليها ثلاثون ألف شخص تقريبا، وتواجه الفريقان في ساحة المعركة والتقوا، فنزلت القبائل إلى قبائلهم، مضرهم إلى مضرهم، ربعيهم إلى ربعيهم، يمانيهم إلى يمانيهم، فوضعوا فيهم السلاح. فثار أهل البصرة، وثار كل قوم في وجوه أصحابهم الذين بهتوهم.

كانت هذه المأساة المروعة تعتبر من أعظم المآسي في تاريخ المسلمين، وهذا اليوم المشؤوم المفجع الذي لم ير المسلمون أسوأ منه في تاريخهم، وبالرغم من أن القلوب كانت عامرة بالحب والمودة، إلا أن الفكرة السياسية قد فرقت بين الأشقاء، وفلذات أكباد أم واحدة، فواحد هنا والآخر هناك، كل واحد يرى الحق في مكان دون مكان، وكان الشوق إلى البحث عن الحق والوصول إليه مرتبطا بالحب الأخوي، وقلب كل مسلم يبكي دما لما يعاني من هذا الموقف العصيب الشديد، ويواجه هذه المأساة الأليمة، ويرى أن تلك السيوف التي كانت تصيب رؤوس المشركين وتقضي على الباطل، سوف تستخدم الآن لإصابة أيدي وصدور الأصدقاء والإخوان من المسلمين، ولما رأى الزبير (ض) هذا المنظر المفجع لم يلبث إلا أن قال: لما أصبح المسلمون مثل الجبال الراسيات في القوة والطاقة يريدون أن يحطم بعضهم بعضا.


(١) تاريخ الطبري ٢١/ ٣ - ٢٠.

<<  <   >  >>