للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشجاعة والمجاهدة]

كانت (ض) من ذوات الشجاعة النادرة، رابطة الجأش، ثابتة القلب، جريئة، تمشي إلى البقيع في الليل دون أن يصدها خوف أو تردد، تنزل في ساحة المعارك، وفي غزوة أحد لما ساد المسلمين الاضطراب خرجت مع النساء تسقي الجرحى وتحمل القرب على متنها لتفرغها في أفواه المجاهدين (١)، وفي غزوة الخندق نزلت من الحصن الذي وضع فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء والأطفال، وتقدمت إلى الصفوف الأمامية، تقول (ض): خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حس الأرض ... الحديث (٢)، وقد استأذنت من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - ((جهادكن الحج)) (٣). ومجيئها في معركة الجمل بالقوات والعساكر بطريقة مثالية دليل على شجاعتها النادرة وبطولتها العظيمة.

[السخاء والكرم]

إن الجود والكرم والبذل والعطاء من أهم معالم أخلاقها النبيلة الفاضلة، والجوهر الغالي فيها، وهي فيه إلى النجدة أقرب منها إلى السخاء، وهي فيه على آسال من أبيها العظيم (ض)، وقد أعانها على هذا الخلق السمح أنها رزقت القدوة القريبة بسيد المواسين للضعفاء ومعلم الجابرين لكسر القلوب. وهكذا شقيقتها أسماء بنت أبي بكر الصديق (ض)، كلتاهما كانت كريمة النفس وعلى أعلى درجات الفضل والعطاء.

يقول عبد الله بن الزبير (ض): ما رأيت امرأتين أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمت، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئا لغد (٤).


(١) صحيح الإمام البخاري كتاب الجهاد والسير برقم ٢٨٨٠.
(٢) من الإمام أحمد بن حنبل ٦/ ١٤١، كما أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١٣٦/ ٦، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف ٧/ ٣٧٣ برقم ٣٦٧٩٦.
(٣) صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير برقم ٢٨٧٥.
(٤) أخرجه الإمام البخاري في الأدب المفرد ١٠٦/ ١ برقم ٢٨٠، وذكره الذهبي في سير =

<<  <   >  >>