للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الطاعة واتباع الأحكام]

مما لا شك فيه أن طاعة الزوج واتباع أوامره من أهم وآكد الواجبات على الزوجة، وحياة عائشة (ض) خير أسوة وأحسن قدوة لذلك، فإنه لم تعهد منها أية مخالفة لأي حكم من أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - طوال الفترة التي عاشتها في كنف النبي - صلى الله عليه وسلم - التي امتدت إلى تسع سنين، لدرجة أنه لو خطر على بالها أو عرفت ولو بالتلميح أن الشيء الفلاني يغضب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتوقفت عنه فورا وامتنعت منه كليا، تقول عائشة (ض): ((استترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهة، قالت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت؟ قال: ما بال هذه النمرقة؟ فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة)) (١).

وها هو الصحابي الجليل ربيعة الأسلمي (ض) قد تزوج، ولم يجد ما يولم به فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزينا، فقال: يا ربيعة ما لك حزين؟ فقلت: يا رسول الله ما رأيت قوما ... حديث طويل وفيه ... فقال لي رسول الله اذهب إلى عائشة فقل لها: فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام، قال: فأتيتها فقلت لها ما أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: هذا المكتل فيه تسع آصع شعير، لا والله إن أصبح لنا طعام غيره، خذه، فأخذته ... الحديث (٢).

هذا وقد كانت جميع أمهات المؤمنين يقمن بهذه الطاعة وتنفيذ أوامره - صلى الله عليه وسلم - مثل ما كانت تقوم به عائشة (ض) في حياته - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن الطاعة الحقيقية والانقياد التام الأصلي هو القيام بهذا الواجب بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجب أن تنفذ كل أوامره وسائر أحكامه - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته مثلها في حياته.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب اللباس باب التصاوير برقم ٥٩٦١، ومسلم في صحيحه كتاب اللباس والزينة برقم ٢١٠٧.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ١٨٨/ ٢ برقم ٢٧١٨، والإمام أحمد في سننه ٤/ ٥٨، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٤/ ٢٥٦.

<<  <   >  >>