للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيس بن العقدية الحميسي، إن هؤلاء القوم الذين جاؤوكم، إن كانوا جاؤوكم خائفين فقد جاؤوا من المكان الذي يأمن فيه الطير، وإن كانوا جاؤوا يطلبون بدم عثمان (ض) فما نحن بقتلة عثمان، أطيعوني في هؤلاء القوم فردوهم من حيث جاؤوا (١).

وقد وقع سهم الخطيب في موقعه، وتأثر العامة بكلامه، إذ قام الأسود بن سريع السعدي فقال: أو زعموا أنا قتلة عثمان (ض)؟ فإنما فزعوا إلينا يستعينون بنا على قتلة عثمان منا ومن غيرنا، فإن كان القوم أخرجوا من ديارهم كما زعمت، فمن يمنعهم من إخراجهم الرجال أو البلدان (٢).

ولم تكن هذه الكلمات أقل تأثيرا مما سبق، وكان الناس يستمعون إلى هذه الخطب إذ دخلت عائشة (ض) فيمن معها حتى إذا انتهو إلى المربد ودخلوا من أعلاه أمسكوا ووقفوا حتى خرج عثمان فيمن معه، وخرج إليها من أهل البصرة من أراد أن يخرج إليها، ويكون معها، فاجتمعوا بالمربد وجعلوا يثوبون حتى غص بالناس فتكلم طلحة ثم تكلم الزبير وتحاثى الناس وتحاصبوا وأرهجوا.

[خطبة عائشة (ض) في البصرة]

فتكلمت عائشة وكانت جهورية الصوت، يعلو صوتها كثرة، كأنه صوت امرأة جليلة، فحمدت الله عز وجل وأثنت عليه وقالت: ((كان الناس يتجنون على عثمان (ض)، ويزرون على عماله، ويأتوننا بالمدينة يستشيروننا فيما يخبروننا عنهم، ويرون حسنا من كلامنا في صلاح بينهم، فننظر في ذلك فنجده برا تقيا وفيا، ونجدهم فجرة كذبة، يحاولون غير ما يظهرون، فلما قووا على المكاثرة كاثروه، فاقتحموا عليه داره، واستحلوا الدم الحرام والمال الحرام والبلد الحرام بلا ترة ولا عذر، ألا إن مما ينبغي لا ينبغي لكم غيره، أخذ قتلة عثمان (ض)، وإقامة كتاب الله عز وجل (٣) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ


(١) تاريخ الطبري ٣/ ١٥.
(٢) تاريخ الطبري ٣/ ١٥.
(٣) نفس المصدر.

<<  <   >  >>