للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقي، تقول (ض): فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على عائشة فقالت عائشة: يا رسول الله إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا، وإنما أصبحت مع تسع وعشرين ليلة أعدها عدا، فقال: الشهر تسع وعشرون ليلة (١).

[ثالثا - التخيير]

وبما أن عامة الأزواج كن قد طلبن الزيادة في النفقات، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلطخ يده بالزخارف الدنيوية وزينتها وبهائها تلبية لرغبات أزواجه، فقد غضب من نسائه لكثرة منازعاتهن، وإلحافهن عليه بطلب المزيد من النفقة والزينة، وكان خير درس لهن يعلمهن أن يصبرن على ضرورات العيش كما يصبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها، لأنهن قدوة في القناعة ومغالبة الهوى، ولسن بقدوة في الترف ونعمة العيش، وقد خيرن بعد هذا الدرس بين التسريح والصبر على نصيبهن، فاخترن أجمل النصيبين بهن، ونزلت آية التخيير.

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (*) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩].

تقول عائشة (ض): لما مضى تسع وعشرون ليلة دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ بي فقلت: يا رسول الله إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت مع تسع وعشرين أعدهن، فقال: إن الشهر تسع وعشرون، ثم قال: يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك، ثم قرأ علي الآية {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حتى بلغ {أَجْرًا عَظِيمًا} قالت عائشة: قد علم والله أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: فقلت: أو في هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتك، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا)) (٢).


(١) صحيح البخاري كتاب النكاح برقم٥١٩١/ ٥٢٠١ / ٥٢٨٩، صحيح الإمام مسلم كتاب الصيام برقم ١٠٨٣، سنن الترمذي كتاب الصوم برقم ٦٩٠.
(٢) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه كتاب الطلاق برقم ١٤٧٥.

<<  <   >  >>