للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((الاستيعاب، (١)، أما الروايتان اللتان ترويهما عائشة (ض)، فيمكن أن الراوي أخطأ في إحداهما، حيث إنه قد تم الزواج في نفس السنة التي ماتت فيها خديجة، وبنى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث سنوات، وكانت في التاسعة من عمرها.

[هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة]

مكثت عائشة (ض) في بيت أمها بعد نكاحها حوالي ثلاث سنين، سنتان وثلاثة أشهر في مكة، وسبعة أشهر في المدينة المنورة بعد الهجرة.

ومعلوم تاريخيا أن المسلمين هاجروا من مكة مرتين، الهجرة الأولى كانت إلى بلاد الحبشة، والهجرة الثانية كانت إلى المدينة، وإن عائشة (ض) تابعت موضع الهجرة وقصتها بكل دقة وبراعة، وها هي تحكي لنا قصة هجرة أبي بكر وما أصابه من الأذى في سبيل دينه، حتى خرج من مكة مهاجرا قبل الحبشة؛ تقول (ض): ((حتى إذا بلغ برك العماد لقيه ابن الدغنة، وهو سيد القارة، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي، قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يخرج ولا يخرج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار فارجع .... فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ... الحديث)) (٢) ويحتمل أن تكون عائشة وأهلها كلهم كانوا مع أبي بكر في هذه الرحلة.

وأما الهجرة الثانية: فإنه لما اشتد الظلم على المسلمين في مكة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وظلت المصائب والمشاق تزداد عليهم يوما بعد يوم من قبل المشركين، وتعرضوا لأقسى أنواع الأذى والاضطهاد نوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الهجرة إلى المدينة.


(١) انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب ١٨٨١/ ٤ رقم الترجمة ٤٠٢٩، ط: دار الجيل بيروت ١٤١٢ هـ، ت: علي محمد البجاوي.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحوالة برقم ٢٢٩٨ وكتاب المناقب برقم ٣٩٠٦.

<<  <   >  >>