للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلامة بدر الدين العيني: ((تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة بسنتين، وقيل: بثلاث، وقيل: بسنة ونصف أو نحوها في شوال، وهي بنت ست سنين، وقيل: سبع، وبنى بها في شوال أيضا بعد وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة ...)) (١).

بينما تقول بعض الروايات: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها بعد وفاة خديجة (ض) بثلاث سنوات، ويقول أهل السير والتراجم: إنها تزوجت في نفس العام الذي توفيت فيه خديجة (ض).

وكان بإمكاننا أن نحدد تاريخ زواجها بتاريخ وفاة أم المؤمنين خديجة (ض)، لكن تاريخ وفاتها أيضا مختلف فيه بين العلماء، فمن قائل: إنها توفيت قبل الهجرة بخمس سنوات، ومن قائل: قبل الهجرة بأربع سنوات، ومن قائل: قبل الهجرة بثلاث سنوات، حتى عائشة (ض) نفسها روت لنا روايتين مختلفتين في هذ الصدد كما في صحيح الإمام البخاري ومسند الإمام أحمد بن حنبل، فرواية تقول: ((ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها) قالت: ((وتزوجني بعدها بثلاث سنين)) (٢)، وأخرى تقول: ((إنه تزوجها في نفس السنة)) (٣). وهو ما اختاره جمهور المحققين، ويؤيده معظم الروايات الصحيحة، وذلك أن خديجة (ض) توفيت في رمضان السنة العاشرة من البعثة، قبل الهجرة بثلاث سنوات تقريبا، وبعدها بشهر في شوال تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكانت عائشة بنت ست سنين، وعلى هذا يكون تاريخ زواجها شهر شوال السنة الثالثة قبل الهجرة، الموافق مايو (أيار) ٦٢٠ م.

وقد وثق الإمام ابن عبد البر (٤) هذا القول في كتابه


(١) عمدة القاري بشرح صحيح البخاري للعلامة بدر الدين العيني ١/ ٤٥.
(٢) البخاري كتاب المناقب برقم ٣٨١٧، مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٣٥.
(٣) صحيح البخاري باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها برقم ٣٨٩٦.
(٤) هو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر أبو عمر، الحافظ، القرطبي، أحد الأعلام في الأندلس وكبير محدثيها، كان ثقة نزيها متبحرا في الفقه والعربية والحديث والتاريخ، له كتب كثيرة نافعة ومفيدة منها: التمهيد، والاستذكار، والاستيعاب، وجامع بيان العلم وفضله، توفي سنة ٤٦٣ هـ وقيل ٤٥٨ هـ، انظر: وفيات الأعيان ٦/
٦٤، الديباج المذهب ٣٦٧/ ٢، شذرات الذهب ٣١٤/ ٤، شجرة النور الزكية ص ١١٩.

<<  <   >  >>