قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله ..... وأهل بيتي)) (١) ومقصوده - صلى الله عليه وسلم - أن كتاب الله العظيم بالرغم من أن الله عز وجل قد يسره وجعله سهل البيان متيسر الفهم بحيث لا يحتاج إلى من يقوم بالتطبيق العملي، إلا أن الحاجة ظلت دائما ماسة إلى أولئك العباقرة الذين يحلون رموزه ويكشفون عن أسراره، ويوضحون للعالم فحواه العلمي والعملي، والآن بعد ما استأثرت رحمة الله تعالى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ينبغي لنا أن نبحث عن هؤلاء العباقرة في أهل بيته - صلى الله عليه وسلم -، وقد مر معنا في تفسير سورة الأحزاب من هم المقصودون بأهل البيت.
ونظرا إلى العناية الفائقة والاهتمام البالغ الذي أولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة (ض)، وما توفر لها من إمكانات وفرص للاستفادة من صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقي العلوم من فم الرسول الكريم مباشرة، وما أكرمها الله تعالى من البراعة والجوهر الطبيعي والمواهب والصلاحيات، لا يبقى لأحد مجال للشك أن أم المؤمنين عائشة (ض) قد احتلت مكانة مرموقة متميزة سامية في أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى هذا فمن يكون أحسن ترجمان للقرآن الكريم وأعرف بتأويل سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وأنجح معلم للأمة جمعاء بأحكام الشريعة الإسلامية من عائشة (ض)؟
كان الناس يرون النبي - صلى الله عليه وسلم - خارج المنزل فقط، لكن عائشة (ض) سنحت لها الفرصة أن تعيش مع النبي - صلى الله عليه وسلم - خارج المنزل وداخله، وإذا كان الأمر كما
(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٠٨.