للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة العربية واستعمالاتها (١)، وقد وردت هذه الكلمة في موضع آخر من القرآن الكريم: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ١١٣] وليس معناها الانحراف ولا الزيغ.

٣ - لم تنص الآية الكريمة {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} على الشيء الذي مالت إليه قلوب عائشة وحفصة (ض)، وقد ذكر بعض المفسيرين أن قلوبهما - نعوذ بالله- مالت إلى إيذاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بينما القاعدة تقول: إن الكلمة المحذوفة تكون موجودة حوالي الجملة إما قبلها أو بعدها، أو تدل عليها القرائن الغالبة، وقد ذكرت كلمة ((التوبة)) من قبل، فيغلب الظن أن هذه هي الكلمة المقدرة والمحذوفة، ولو أظهرنا ما حذف من الآية تكون العبارة كالآتي:

((إن تتوبا إلى الله (فهو هين) فقد صغت قلوبكم ((إلى التوبة إلى الله))).

[ثانيا - الإيلاء]

وقعت قصة الإيلاء عندما وقع التحريم، وذلك في العام التاسع الهجري، وكانت قد اتسعت رقعة الدولة المسلمة آنذاك، واستولى المسلمون على مناطق بعيدة، فكانت المدينة تردها الخيرات بقدر وافر بين فينة وأخرى، وكثرت الغتيمة والفيء إثر الفتوحات الإسلامية، في مشارق الأرض ومغاربها، ورغم كل هذه السعة في الخيرات والكثرة في الأموال وامتلاء خزائن بيت مال المسلمين بالثروات، ما زالت حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - في وضعها السابق لم تتغير، فكانوا يعيشون عيشة الشدة والشظف والعسرة، وعلى قمة من الزهد والقناعة.


(١) يراجع: لسان العرب وفيه: صغى إليه يصغى ويصغو صغوا وصغوا وصغا: مال، وصغى صغيا: مال، قال شمر: صغوت وصغيت وصغيت، وأكثره ضغيت، وقال ابن السكيت: صغيت إلى الشيء أصغى صغيا إذا ملت، قال الله تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ....}
أي ولتميل (لسان العرب ٤٦١/ ١٤، كذا في مختار الصحاح ١٥٣/ ١).
وذكره البيضاوي بصيغة ((قيل)) وفصل القول في هذا الموضوع العلامة حميد الدين الفراهي فأفاد وأجاد.

<<  <   >  >>