للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطوع وسنة، ومعاقبة تاركه بعدم قبول صلاته معناه أنه لا يغفر له أبدا، والمعاقبة بعدم الغفران تكون على ترك الفرائض وليست على ترك السنن.

[ج - المعرفة الشخصية]

لقد هيأ الله سبحانه وتعالى لأم المؤمنين عائشة (ض) كل الأسباب التي جعلت منها أحد الأعلام حاملي علوم النبوة، ومعروف أن الزوجة أدرى الناس بأقوال زوجها وأفعاله، ولما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة ونموذجا مثاليا للأمة جمعاء، كانت سنته الفعلية والعملية بمثابة القوانين، وقد توفر للأزواج المطهرات من وسائل وإمكانات المعرفة الشخصية لأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله ما لم يتوفر للآخرين، وتراثنا الفقهي الإسلامي غني بتلك القضايا والمسائل التي قضى فيها: أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بحكم لجوءا إلى اجتهادهم الشيخصي أو استنادا إلى حديث يعرفونه، بينما رفضت عائشة (ض) ذلك الحكم نظرا إلى علمها الخاص ومعرفتها الشخصية واطلاعها الذاتي على الحكم الذي قد لا يطلع عليه الآخرون، وظل قولها هو المعول عليه والمعتمد في تلك المسائل إلى يومنا هذا، وفيما يلي بعض الأمثلة:

١ - كان عبد الله بن عمرو بن العاص يفتي أن النساء إذا اغتسلن ينقضن رؤوسهن فبلغ ذلك عائشة (ض) فقالت: ((يا عجبا لابن عمرو، هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينتقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات)) (١).

٢ - كان ابن عمر (ض) يفتي بانتقاض الوضوء من التقبيل، فلما سمعت عائشة (ض) بذلك قالت: ((إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، قال الراوي: قلت: من هي إلا أنت؟ قال: فضحكت)) (٢).


= برقم ٤٠١٢، وانظر كذلك الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص ١٣٤. (١) صحيح الإمام مسلم كتاب الطهارة رقم ٣٣١.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه كتاب الطهارة برقم ٨٦، والنسائي في سننه كتاب الطهارة =

<<  <   >  >>