للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البحث الثاني

علمها بالحديث الشريف

[أم المؤمنين عائشة وبقية أمهات المؤمنين]

مما لا شك فيه أن موضوع علم الحديث هو ذات النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن كان أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونال شرف صحبته أكثر فقد تمكن من الحصول على هذا العلم المبارك أكثر، وقد قدر الله سبحانه وتعالى لعائشة (ض) أن تنال الحظ الأوفر والنصيب الأكمل من هذا الجوهر الغالي الثمين، وتهيأت لها كل الأسباب التي جعلتها تتبوأ مكانة رفيعة، وتفوز بفرص قيمة سانحة للاستفادة من فم النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - مباشرة دون أي واسطة، فقد نكحها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة بثلاث سنين، وأثناء هذه الفترة لم يمر يوم إلا ويأتيها النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها.

أما بعد الهجرة فلم تتمكن من معايشة حبيبها والتشرف برؤية محياه لست شهور، ثم حان وقت زفافها فزقت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شوال، ثم رافقته منذ ذلك الوقت إلى أن توفاه الله تعالى، وبالرغم أن في ابتداء الإسلام كانت تمر بزمن طفولتها إلا أن ذكاءها المتوقد وفطنتها الجبلية وذاكرتها النادرة قد أكملت ما انتقص من أجل سن الطفولة، فاستدركت ما فاتها في صباها. وأم المؤمنين سودة (ض) هي الوحيدة التي نالت شرف صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة أشهر زائدة من أم المؤمنين عائشة (ض)، إلا أن الوضع مختلف تماما بين سودة وعائشة (ض)، فهناك فرق شاسع وبون كبير واختلاف ملموس واضح في المواهب والقدرات، وقوة الفهم والإدراك، والوعي وحسن الحفظ والتعبير بين عائشة وسودة، زد على ذلك أن سودة كانت كبيرة في السن، ضعفت قواها ووهنت أعصابها، حتى لم تعد قادرة على أداء الحقوق الزوجية قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بعدة سنوات.

<<  <   >  >>