للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخوها محمد بن أبي بكر في هذه الحادثة، لأنه كان من كبار الثائرين على عثمان والمؤلبين عليه، لكن سبق أن ذكرنا أن عائشة (ض) قد غضبت على أخيها لموقفه من عثمان وسمته مذمما، وظلت تدعو عليه من كبد حرى وعلى بقية الساعين في قتل عثمان دعاء حارا، كما أعربت السيدة عائشة عن انطباعاتها نحو الخليفة الراشد عثمان (ض) ذات مرة قائلة: ((والله ما أحببت أن ينتهك من عثمان أمر قط إلا قد انتهك مني مثله، حتى والله لو أحببت قتله لقتلت، يا عبيد الله بن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلم، فوالله ما احتقرت أعمال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تهجم النفر الذين طعنوا في عثمان، فقالوا له قولا لا يحسن قوله، وقرؤوا قراءة لا يحسن مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تدبرت الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أعمال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

ولا شيء أدل على تفنيد ما زعمه الزاعمون وأذاعه المرجفون من أكاذيب حول نجوم خلاف بين السيدة عائشة وعثمان (ض)، ودحض مزاعمهم الباطلة من هذا التصريح والإعلان الواضح الصريح من السيدة عائشة (ض).

[عهد علي بن أبي طالب (ض)]

وبالجملة فإن أوضاع المسلمين كلها كانت مصابة بالتوتر والاضطراب، وكانوا يعانون من ظروف حرجة وقاسية من الناحية السياسية في تلك الفترة، فلما رآى جماعة من الصحابة هذا المنظر المؤلم وجدوا أن الحديقة التي سقوا أزهارها ورووها بدمائهم، وبذلوا فيها النفائس، وضحوا من أجلها بكل نفس ونفيس وغال ورخيص، قد بدأت تتعرض للانهيار والضياع، ورأوا بأم أعينهم أن مجهوداتهم أصبحت تروح سدى ومن دون جدوى، فلما واجهوا ذلك كله قاموا ورفعوا علم الإصلاح، وكان من أهم أعضاء هذه الجماعة طلحة والزبير وعائشة (ض).

طلحة (ض): هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي، أبو محمد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، كان فاتح


(١) جزء خلق أفعال العباد للإمام البخاري ١/ ٥٦، كما ذكره معمر بن راشد في جامعه
١١/ ٤٤٧.

<<  <   >  >>