للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر عبادته وقيامه في الليل، واشتغاله بمهنة أهله، والتصوير الدقيق الكامل لأخلاقه الحسنة النبيلة الطيبة، كانت عائشة (ض) هي المصدر الأول والأساس لسائر هذه المعلومات، كما أنها هي التي بينت لنا أشد ما لقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته المباركة.

وكذلك قصة خلافة أبي بكر الصديق (ض)، ودعوى فاطمة والأزواج المطهرات بطلب توزيع ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحزن علي (ض)، وتفاصيل البيعة، كل ذلك تلقيناه عن طريقها (ض).

كانت معرفتها بتاريخ الإسلام مبنية على ما شاهدته من الوقائع بأم عينيها، لكن ما هي مصادرها في معرفة أحوال الجاهلية؟ يظهر من رواية عروة أنها اكتسبت هذا الفضل العلمي من أبيها المبجل، ((ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس أقول ابنة أبي بكر)).

[الأدب]

المراد بالأدب جمال الألفاظ وحسن التعبير في الأحاديث العامة، واختيار أسلوب رشيق جذاب في مخاطبة الناس، فما من أحد سمع أم المؤمنين عائشة (ض) أو قرأ كلامها إلا وبهرته فصاحتها وسحرته بلاغتها وأدهشته عارضتها.

يقول أحد تلاميذها، موسى بن طلحة: ((ما رأيت أحدا أفصح من عائشة)) (١). ويقول التابعي الأحنف بن قيس: ((ما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن من في عائشة (ض) (٢).

ورغم أن عدد مرويات عائشة (ض) وصل إلى الآلاف، إلا أن المحدثين مجمعون على أن الأحاديث المحفوظة بألفاظها الأصلية قليلة جدا، وعلى كل


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ١٢/ ٤ برقم ٦٧٣٥، والترمذي في سننه كتاب المناقب برقم ٣٨٨٤، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٢٤٣/ ٩، والطبراني في المعجم الكبير ١٨٢/ ٢٣ برقم ٢٩٢.
(٢) المستدرك للحاكم ١٢/ ٤ برقم ٦٧٣٢.

<<  <   >  >>