للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النساء، فأمتهن وقامت بينهن في الوسط (١).

[عائشة (ض) ترفع راية الإصلاح وتغادر إلى البصرة]

وعلى كل فإن عائشة (ض) لما أعلنت نهوضها بأعمال الإصلاح ورفعت رايته لبى ندائها حوالي سبعمئة شخص من الحرم فقط، وتبرع ابن عامر وابن أمية - من أغنياء العرب - بمئات الآلاف من الدراهم، والبعير، وأناخوا بالأبطح معسكرا، ثم استشاروا في بيت عائشة (ض) لتقرير اتجاه مسير العسكر، فأشارت عليهم أن يتجهوا إلى المدينة حيث يوجد السبئيون والثوار - ولو كانوا اتجهوا إلى المدينة لكان الأمر مختلفا - لكن بعد مداولات الآراء ومناقشتها استقام لهم الرأي على أن يتجهوا إلى البصرة، فلما قالوا لها ذلك ولم يكن ذلك مستقيما إلا بها، قالت: نعم. وقد كان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - معها على قصد المدينة. فلما تحول رأيها إلى البصرة تركن ذلك. وانطلق القوم إلى حفصة فقالت: رأيي تبع لرأي عائشة. قال يعلى بن أمية: معي ستمئة ألف، وسبعمئة بعير فاركبوها، وقال ابن عامر: معي كذا وكذا، فتجهزوا به، فنادى المنادي أن أم المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى البصرة، فمن كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المحدثين والطلب بثأر عثمان، ومن لم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز، فهذا جهاز وهذه نفقة، وتجهزوا بالمال ونادوا بالرحيل واستقلوا ذاهبين، فخرجوا في سبعمئة رجل من أهل المدينة ومكة، ولحقهم الناس حتى وصل عددهم إلى ثلاثة آلاف رجل، وخرج معها أمهات المؤمنين إلى ذات عرق يودعنها، فودعنها بالدموع والنحيب، ولم ير يوم كان أكثر باكيا على الإسلام منه.

ولم تتهيأ لشباب بني أمية فرصة أحسن من هذه لإثارة الفتن والغوغاء فكانوا قد لجأوا إلى الحرم المكي فارين هاربين مختفين، ولما سمعوا أن أم


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣/ ١٣١ برقم ٥١٣٨، وابن أبي شيبة في المصنف ٤٣٠/ ١ برقم ٤٩٥٤، وعبد الرزاق في المصنف ١٤١/ ٣ برقم ٥٠٨٦، ٥٠٨٧، وهو في كتاب الآثار ٤١/ ١ رقم ٢١٢.

<<  <   >  >>