للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

الزواج الميمون

كانت السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين (ض) أولى زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحبهن إليه، وقد بنى بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في نحو الخامسة والعشرين، وهي في نحو الأربعين، وقد سعدت بالبقاء معه - صلى الله عليه وسلم - زهاء خمس وعشرين سنة إلى أن أوفت على الخامسة والستين فاستأثرت بها رحمة الله تعالى في شهر رمضان السنة العاشرة بعد البعثة، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، وكان سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خمسين سنة.

كانت أول من آمن به وأول إنسان أسلم على وجه الأرض، وكانت نعم القرين له في السراء والضراء، وقد أغدقت عليه من حنان الأمومة ما فاته في بواكير الطفولة، وأدركه عطفها وهو يعالج من نوازع الدعوة النبوية ثورة مقيمة مقعدة في سريرة النفس، لا تزال بين الجلاء والغموض وبين الإقدام والإحجام، ولا تزال في هذه الحالة على حاجته القصوى إلى التثبيت والكلاءة والتشجيع. ولما توفيت (ض)، لم يعرف عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه حزن على أحد قط أشد من حزنه عليها، ولا أطال الذكرى لأحد قط بعد وفاته كما أطال ذكراها، حتى إنه قد صعبت عليه الحياة من شدة ما أصابته من هموم الوحدة والتفرد، فشق ذلك على صحابته المخلصين (ض) وآلمهم ما لحظوه من حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على زوجه العزيزة عليه، فجاءت السيدة خولة بنت حكيم - امرأة عثمان بن مظعون من أجلاء الصحابة توفي سنة ٢ هـ - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت: يا رسول الله ألا تتزوج؟ قال: من؟ قالت: إن شئت بكرا، وإن شئت ثيبا، قال: ((ومن البكر ومن الثيب؟)) قالت: أما الثيب فهي سودة بنت زمعة، وأما البكر فهي بنت أحب الخلق إليك، عائشة بنت أبي (١) بكر الصديق.


(١) من أشنع الجهالات وأقبح الضلالات التي وقع فريستها المحققون والباحثون =

<<  <   >  >>