للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ((فاذكريها لي)) فأتت بيت أبي بكر وذكرت ذلك له،- وكان الناس في الجاهلية لا يتزوجون بنات إخوانهم بالتآخي، ويظنون أن المؤاخاة تمنع قرابة المصاهرة مثل بنات الأشقاء - فقال لها أبو بكر: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه؟ فرجعت خولة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرت له ذلك، فقال: ((ارجعي فقولي له: إنه أخي في الدين، وهي لي حلال)) (١) فلما علم ذلك أبو بكر قبل به.

هذا وكانت عائشة مخطوبة قبل ذلك لجبير بن مطعم بن عدي، فتحرج أبو بكر من نقض خطبته قبل مراجعته فيما ينويه، فلقي أبا الفتى، فأقبل الأب على امرأته يسألها ما تقولين؟ - وكانت أسرة جبير لم تعتنق الإسلام ذاك الحين - فقالت: يا ابن أبي قحافة لعلك مصب صاحبنا - مدخله في دينك الذي أنت عليه - إن تزوج إليك؟! (٢).


= المستشرقون والنصارى في تكني الصديق بأبي بكر، قولهم: ((إن كلمة البكر تطلق على العذراء في اللغة العربية، وكانت عائشة هي البكر الوحيدة التي تزوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك تكنى والدها بأبي بكر)) ولا غرابة إذا لم يطلع الأعداء على هذه الحقيقة، ولكن مما يبعث على القلق والأسف الشديدين أن إخواننا المسلمين كذلك جهلوا هذا الواقع، فهذا السيد أمير علي الكاتب المعروف وقع في الخطأ نفسه في كتابه حياة محمد (Life of Mohammad - S.W) الباب الرابع عشر، وقلد المستشرقين في ذكر سبب تكني الصديق بأبي بكر، مع أن التكني هو من علامات الشرف ورمز الافتخار لدى العرب، ومخاطبتهم بالكنى تدل على توقيرهم والاحترام لهم، وأشراف القبائل وساداتهم لا يعرفون إلا بالكنى، فهذا أبو سفيان، وأبو جهل، وأبو لهب، كل منا يعرفهم بكناهم لكن كم منا يعرف أسماءهم الحقيقية؟ وهكذا كان شأن أبي بكر (ض)، ثم إنه لم يكن بهذه الكنية بعد ولادة عائشة، بل هذه كنيته حتى قبل مجيء الإسلام.
ثم كلمة ((البكر)) (بفتح الباء) لا تطلق على العذراء، وإنما ((البكر)) (بكسر الباء) هي التي تطلق على العذراء، و ((بكر)) علم من أشهر الأعلام العربية أمثال زيد وعمرو، وكانت بنو بكر بن وائل من القبائل المشهورة في العرب، وبالتالي فلا علاقة له بكلمة ((بكر)).
(١) أخرجه الإمام البخاري مختصرا في كتاب النكاح ٥٠٨١ باب تزويج الصغار من الكبار، وأورده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) باب تزويج عائشة ٩/ ٢٢٥ ط: دار الريان للتراث ١٤٠٧ هـ. والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ١٢٩ برقم ١٣٥٢٦ ط: مكتبة دار الباز مكة المكرمة ١٤١٤ هـ، والإمام أحمد في مسنده ٦/ ٢١٠ برقم ٢٥٨١٠، ط: مؤسسة قرطبة مصر.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٦/ ٢١٠ برقم ٢٥٨١٠.

<<  <   >  >>