للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت أرضى من عائشة (ض) عن حياتها، فنرى أنه في طوال هذه السنين لم تمتزج هذه الحياة قط بكدر أو مساءة، ولم يعكر صفاء علاقتها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - طيلة حياتها في كنفه سوى واقعة الإيلاء، فكانت الحياة يسودها أسمى معاني الحب، وجو المودة واللطف والمؤانسة والوفاء العالي، ولا سيما إذا تصورنا ما كانت عليه الأسرة النبوية من عسر وشدة وشظف في العيش، والصبر على ضروراته، والقناعة، ومغالبة الهوى، والبعد عن الترف ونعمة العيش، فتزداد قيمة هذا الإخلاص والمودة وتسمو مكانة الحب والوفاء.

[الزوجة الحبيبة]

كانت عائشة (ض) من أحب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان الصحابة (ض) أجمعين قد علموا حبه إياها وأقروا لها بذلك، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتحرون يوم عائشة (ض) (١)، وقد أثار ذلك غيرة أمهات المؤمنين، ووقعت الغيرة التي لا محيص منها بين الزوجات، فدعون فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلنها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت له: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر، فكلمته، فقال: ((يا بنية ألا تحبين ما أحب؟ قالت: بلى، فرجعت إليهن فأخبرتهن، فقلن: ارجعي إليه فأبت أن ترجع)) (٢). ثم توسلن بأم سلمة (ض) أن تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما دار عليها كلمته، فقال: ((لا تؤذيني في عائشة، فإنه لم ينزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن إلا في لحاف عائشة)) (٣).

أهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة هدية فيها قلادة من جزع، فقال: ((لأدفعنها


(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الهبة برقم ٢٥٨١، ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٤١، والترمذي في سننه كتاب المناقب برقم ٣٨٧٩.
(٢) صحيح البخاري كتاب الهبة برقم ٢٥٨١.
(٣) صحيح البخاري كتاب المناقب برقم ٣٧٧٥، سنن النسائي كتاب عشرة النساء برقم ٣٩٥٠، سنن الترمذي كتاب المناقب ٣٨٧٩.

<<  <   >  >>