للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعدما فتح الله خيبر للمسلمين فرض النبي - صلى الله عليه وسلم - للأزواج المطهرات قدرا معلوما من الأطعمة والتمور سنويا، وهذا القدر من المال كان أقل من حوائجهن السنوية، زد على ذلك ما أكرمهن الله تعالى من الكرم والجود وطول اليد للإنفاق في سبيل الله، والبذل والعطاء في سبيل الخير، فتمضي أيام ولا توقد النار في بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما هو المعلوم أن الأزواج المطهرات منهن من كانت بنت شيخ قبيلة أو رئيس أو ثري، والبعض منهن كن عشن سابقا مع أزواجهن أو بيوت آبائهن عيشة الترف وفي التنعم والهناء، لم تمسهن العسرة ولا الشدة في العيش لا من قريب ولا من بعيد، فلما رأين هذه السعة في الأموال التي حصلت للمسلمين إثر الفتوحات الإسلامية طالبن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمزيد من النفقة والزينة، فلما سمع عمر بذلك أصابه القلق والاضطراب فدخل على حفصة، وفهمها الأمر وقال: ((لا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك))، والله لولا أنا لطلقك الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم ذهب إلى أخرى ونصحها، فقالت له أم سلمة: عجبا لك يا ابن الخطاب قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه، يقول عمر بن الخطاب (ض): ((فأخذتني أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد فخرجت من عندها)) (١).

وذات مرة دخل أبو بكر وعمر (ض) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدا النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا يطلبن منه النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول: ((تسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده؟ فقلن: والله لا نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا أبدا ليس عنده)) (٢).

أما بقية الأزواج فبقين على طلبهن، وفي هذه الفترة ((ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسا بالمدينة فصرعه على جذم نخلة فانفكت قدمه (٣) فجلس في مشربة له


(١) صحيح مسلم كتاب الطلاق برقم ١٤٧٩، صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن برقم ٤٩١٣.
(٢) صحيح الإمام مسلم كتاب الطلاق برقم ١٤٧٨.
(٣) سنن أبي داود كتاب الصلاة برقم ٦٠٢، سنن ابن ماجه كتاب الطب برقم ٣٤٨٥.

<<  <   >  >>