للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنسمع قصة هذه الهجرة من فم عائشة (ض) تقول: لم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية، بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر ... فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرج من عندك، فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله، قال: فإني قد أذن لي في الخروج، قالت عائشة: فجهزناهما (الراحلتين) أحث الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به فم الجراب ...)) (١).

وهكذا هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر (ض) إلى المدينة، وتركوا أهاليهم بين هؤلاء الأعداء، وعندما حل الركاب النبوي المبارك بالمدينة كان الثاني عشر من شهر ربيع الأول من العام الرابع عشر من البعثة.

ولما استقر - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أرسل كلا من زيد بن حارثة وأبي رافع إلى مكة لكي يأتيا بأهله، وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الليثي، وكتب إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان وعائشة وأسماء، فخرج بهم عبد الله، وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة وأم أيمن وأسامة، فاصطحبوا جميعا، حتى إذا كانوا في طريقهم إلى المدينة نفر بعير عائشة (ض)، فجعلت أمها تقول: وابنتاه، واعروساه، حتى أدرك البعير وقد هبط، فقدموا المدينة، فنزلت عائشة مع عيال أبي بكر، ونزل آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ يبني المسجد وأبياتا حول المسجد فأنزل فيها أهله)) (٢).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم ٣٩٠٦.
(٢) انظر تفاصيل هذه القصة في: المستدرك على الصحيحين ٦/ ٤ - ٥ برقم ٦٧١٦، الطبقات الكبرى لابن سعد ٦٣/ ٢، المعجم الكبير للطبراني ٢٣/ ٢٥ برقم ٦٠، ومجمع الزوائد للهيثمي ٢٢٧/ ٩ ط: دار الريان للتراث القاهرة ١٤٠٧ هـ، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٢/ ١٥٢، الاستيعاب ١٩٣٦/ ٤ ط: دار الجيل بيروت.

<<  <   >  >>