للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت تستقرض في أكثر الأحيان وتدان، فقيل لها: ما لك وللدين؟ فقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من الله عز وجل عون)) فأنا ألتمس ذلك العون (١)، إنها كانت تتصدق بكل مال يصل إلى يدها، سواء كان قليلا أو كثيرا وتنفقه في السائلين.

ذات مرة دخلت عليها امرأة معها ابنتان لها تستطعم، قالت: فسألتني فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة، فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته، فقال: ((من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار)) (٢).

وذات مرة كان استطعمها مسكين وبين يديها عنب، فقالت لإنسان: خذ حبة فأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويعجب، فقالت: أتعجب؟ كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة (٣)؟ كأنها تشير إلى قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧].

وعن عروة (ض) قال: رأيتها تصدق بسبعين ألفا وإنها لترقع جانب درعها (٤).


= أعلام النبلاء ٢/ ٢٩٢، وأبو الفرج بن الجوزي في صفة الصفوة ٢/ ٥٨. (١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٩٩/ ٦ برقم ٢٤٧٢٣ و٦/ ١٣١ برقم ٢٥٠٣٧ و٢٣٤/ ٦ برقم ٢٦٠١٩، والحاكم في المستدرك ٢٦/ ٢، برقم ٢٢٠٢ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٤/ ١٣٢ وقال بعد ذكر ألفاظ الحديث المختلفة: ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن محمد بن علي بن الحسين لم يسمع من عائشة، وإسناد الطبراني متصل إلا أن فيه سعيد بن الصلت، والبيهقي في السنن الكبرى ٥/ ٣٥٤ برقم ١٠٧٣٩، ١٠٧٤٠، والطيالسي في مسنده ٢١٤/ ١ برقم ١٥٢٤.
(٢) البخاري في الأدب المفرد ١/ ٥٩ برقم ١٣٢، وابن حبان في صحيحه ٧/ ٢٠١ برقم
٢٩٣٩.
(٣) موطأ الإمام مالك ٩٩٧/ ٢ برقم ١٨١١، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣٥٢ برقم ٩٨٢٠. أن سائلا سأل عبد الرحمن بن عوف وبين يديه عنب، فناوله حبة فكأنهم أنكروا ذلك، فقال: في هذه مثقال ذرة كثير.
(٤) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٦٧/ ٨، كما أخرجه هناد في الزهد ٣٣٧/ ١ برقم ٦١٧، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٨٧/ ٢.

<<  <   >  >>