للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقهنا الإسلامي ويقوم عليها صرحه، وبالتالي فقام بواجب رواية الأحاديث الصحابة الآخرون الذين لم تثقل كواهلهم بحمل هذه الأعباء من مهمات الخلافة ومسؤوليات رعاية الأمة.

وسبب آخر لقلة الروايات من عباقرة الصحابة وكبارهم كما أشار إليه ابن سعد فقال: إنما قلت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم توفوا قبل أن يحتاج إليهم، وإنما كثر الغرماء عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، لأنهما وليا فسئلا وقضيا بين الناس، وكل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا أئمة يقتدى بهم ويحفظ عنهم ما كانوا يفعلون ويستفتون فيفتون، وسمعوا أحاديث فأدوها.

فكان الأكابر من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقل حديثا عنه من غيرهم، مثل أبي بكر، وعثمان، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من نظرائهم، فلم يأت عنهم من كثرة الحديث مثل ما جاء عن الأحداث من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص ونظرائهم، وكل هؤلاء كانوا يعدون من فقهاء الصحابة، وكانوا يلزمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع غيرهم من نظرائهم، فكان أكثر الرواية والعلم في هؤلاء ونظرائهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنهم بقوا وطالت أعمارهم واحتاج الناس إليهم، ومضى كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلهم وبعدهم بعلمهم لم يؤثر.

((ثم كان التابعون بعد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبناء المهاجرين والأنصار وغيرهم، فيهم فقهاء وعلماء، وعندهم رواية الحديث والآثار، والفقه، والفتوى ...)) (١).

والمكثرون في الرواية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين يبلغ عدد مروياتهم إلى الآلاف هم سبعة:


(١) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/ ٧٨ - ٧٦.

<<  <   >  >>