للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، ووالله لا أقاتلك (١). ومضى الزبير (ض) متجها إلى المدينة المنورة، فرآه عمرو بن جرموز وتبعه، وحضرت الصلاة، فقال ابن جرموز: الصلاة، فقال الزبير: الصلاة، فنزلا، واستدبره ابن جرموز فطعنه من خلفه في حربان درعه فقتله، وأخذ فرسه وخاتمه وسلاحه، ودخل على علي (ض) فأخبره، فدعا بالسيف فقال: سيف طالما جلى الكرب عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وكان طلحة يريد أن ينصرف، إذ رآه مروان بن الحكم وكان يعتقد أن حياته هي الحاجز الأكبر في سبيل الأمويين، فرماه بسهم غرب نظم ركبته بصفحة الفرس حتى امتلأ جرموقه دما، ثم مات (ض)، فأخذ كعب بن سور مصحف عائشة فبدر بين الصفين يناشدهم الله عز وجل، في دمائهم وأعطي فرمى بها تحته وأتى يترسه فتنكبه فرشقوه رشقا واحدا فقتلوه (ض).

ووقف الناس للقتال، فكان القتال نصف النهار مع عائشة، وتزاحف الناس، فهزمت يمن البصرة يمن الكوفة، وأفلت الأمر من يد عائشة (ض)، المتقاتلون كلهم كانوا إخوانا، كانوا يضربون على الأيدي والأرجل، ويتجنبون الصدور والرؤوس، وجعلوا يبترون الأطراف الأيدي والأرجل، فما رئيت وقعة قط قبلها ولا بعدها، ولا يسمع بها أكثر يدا مقطوعة ورجلا مقطوعة منها لا يدرى من صاحبها.

وحاول السبئية أنهم لو حصلوا على عائشة (ض) ليعاملنها معاملة سيئة، وتقدم أهل الكوفة بعد طلحة والزبير إلى هودج عائشة (ض) أكثرهم ضبة والأزد، فقالت لمن عن يسارها: من القوم؟ قالوا: صبرة بن شيمان بنوك


(١) البداية والنهاية ٢٤١/ ٧، قلت: قال ابن كثير في البداية والنهاية: وفي هذا السياق كله نظر، والمحفوظ منه الحديث الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن أبي حازم المازني قال: شهدت عليا والزبير حين توافقا، فقال له علي: يا زبير أنشدك الله أسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنك تقاتلني وأنت ظالم؟ قال: نعم لم أذكره إلا في موقفي هذا ثم انصرف، ورواه البيهقي مرسلا.
(٢) تاريخ الطبري ٣/ ٥٦.

<<  <   >  >>