للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابه: ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) (١) على هذه الرواية، ونقله عنه القسطلاني حرفيا فقال: وأما قول عائشة: ((ما فقدت جسده)) فعائشة لم تحدث به عن مشاهدة، لأنها لم تكن حينئذ زوجة، ولا في سن من يضبط، ولعلها لم تكن ولدت بعد، على الخلاف في الإسراء متى كان، ... فإذا لم تشاهد ذلك عائشة دل على أنه حدثت بذلك عن غيرها، فلم يرجح خبرها على خبر غيرها، وغيرها يقول خلافها مما وقع نصا في حديث أم هانىء وغيره، وأيضا فليس حديث عائشة (ض) بالثابت، والأحاديث الأخر أثبت، لسنا نعني حديث أم هانىء، وما ذكرت فيه خديجة، وأيضا فقد روي في حديث عائشة: ((ما فقدت)) ولم يدخل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بالمدينة، وكل هذا يوهنه، بل الذي يدل عليه صحيح قولها: ((إنه بجسده الشريف لإنكار رؤيته لربه رؤية عين، ولو كانت عندها مناما لم تنكره، وحديثها هذا ليس بثابت عنها)) (٢).

وإن صح ما قاله القاضي عياض فيلزم منه ترك عدد كبير من تلك الأحاديث التي صححها جمهور المحدثين، وصححها القاضي نفسه، وكلها تتعلق بحوادث ما قبل ولادة أم المؤمنين عائشة (ض)، مثلا أحاديث بدء الوحي، فإن معظمها مروية عن طريق عائشة (ض) ولم يروها أحد غيرها بذاك التفصيل الذي روته عائشة (ض)، بل إن مروياتها هي الأساس والمصدر الأصيل للاطلاع على تفاصيل هذه الوقائع، إذن تكون رواية بدء الوحي أكثر تضررا بهذا النقد والاعتراض من رواية الإسراء والمعراج، لأنها لم تكن ولدت عند بدء الوحي قطعا، أما حادث المعراج فقد وقع بعد أعوام من ذلك، والأصل وكما صرح به العلامة الزرفاني، وابن دحية، وابن سريج أن هذه الرواية لم تثبت عن عائشة (ض)، لأن راوي الحديث هو محمد بن إسحاق وقد ضعفه بعض المحدثين، وهو يروي عن مجهول (شخص من آل أبي بكر)


(١) انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ١/ ٧٣ - ٢٧٢، ط: مكتبة الفارابي، مؤسسة علوم القرآن دمشق.
(٢) انظر: شرح الزرقاني على المواهب اللدنية للعلامة القسطلاني ٦/ ٤ - المقصد الخامس في ذكر الإسراء والمعراج. ط: المطبعة الأزهرية المصرية ١٣٢٧هـ.

<<  <   >  >>