للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذاب معروف، فلما عرف أن عائشة (ض) استدركت على الصحابة، وكان لديه ذوق رفيع للشعر فانتهز هذه الفرصة، ونسب الحديث إلى عائشة (ض)، وقد صرح المحدثون بأن هذا الحديث موضوع مختلق (١).

والأصل في هذا الباب أن إنشاد الشعر في واقع الأمر ليس بشر ولا بخير، وإنما هو صنف من الكلام، وحسن الكلام وقبحه لا يرجع إلى القوافي والأوزان الشعرية، وإنما يبتني على المعاني والمطالب التي يحتويها الكلام، فإن كان مضمون الكلام مشتملا على الذكر والزهد وتقوى الله تعالى وسائر المواعظ دون إفراط فيها ولا مبالغة، فلا يكون الشعر قبيحا، وإن كان عكس ذلك فهو إذن وصمة عار على جبين الأخلاق الحسنة والسلوك الطيب، وفساد اللسان، وهذا الأمر لا يقتصر على الشعر، وإنما ينطبق على النثر كذلك. وهذا ما رواه البخاري عن عائشة (ض) في وصفها للشعر تقول (ض): ((الشعر منه حسن ومنه قبيح، خذ بالحسن ودع القبيح)) (٢) ويروي عبد الله بن عمر (ض) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفس هذا المعنى بشيء من التفصيل: ((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشعر بمنزلة الكلام حسنه كحسن الكلام وقبحه كقبح الكلام)) (٣) وتقول عائشة (ض): إن أعظم الناس جرما إنسان شاعر يهجو القبيلة من أسرها ورجل تنفى من أبيها)) (٤).

...


= الحديث)) الكلبي واهي الحديث، وأبو صالح شيخه ليس السمان المتفق على تخريج حديثه في الصحيح عن أبي هريرة، بل هذا آخر ضعيف، يقال له: باذان، فلم تثبت هذه الزيادة. (فتح الباري ١٠/ ٥٤٩، ط: دار المعرفة بيروت ١٣٧٩هـ).
(١) قاله الشوكاني في كتاب ((الموضوعات)).
(٢) الأدب المفرد ٢٩٩/ ١ برقم ٨٦٦.
(٣) الأدب المفرد ٢٩٩/ ١ برقم ٨٦٥، وسنن الدارقطني ٤/ ١٠٦، ومسند الشافعي عن عروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ٣٦٦/ ١، وبسنده رواه السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء ٧١/ ١.
(٤) الأدب المفرد ٣٠٢/ ١ برقم ٨٧٤، وابن حبان في صحيحه ١٠٢/ ١٣ برقم ٥٧٨٥، وأبو المحاسن في معتصر المختصر ٢/ ٢٣٠، وإسحاق بن راهويه في مسنده ٣/ ٦٠٧ برقم ١١٧٨.

<<  <   >  >>