للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكل من أتى بعدها أمثل الطرق وأنفعها، وذلك بمآثرها الخالدة، وعبادتها وخضوعها أمام الباري تعالى، والمثل الحية والأساليب العملية للأخلاق الرفيعة الفاضلة وتعليمات التزكية والزهد، وشرح الأحكام الدينية والأمور الشرعية شرحا تفصيليا، فلها المن والفضل من جميع النواحي الدينية والعلمية والاجتماعية على هذا العدد الهائل من صنف النساء.

وعلى هذا لا يوجد أحد في تاريخ النساء المسلمات من يستأهل أن يذكر بإزائها في المرتبة والشرف والمكانة العالية، سوى الأزواج المطهرات وبنات النبي - صلى الله عليه وسلم - الطاهرات رضوان الله عليهن أجمعين.

وقد أجمع العلماء على أن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، والسيدة فاطمة الزهراء، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهن أجمعين هن خير نساء العالم وأفضلهن إطلاقا، أما جمهور العلماء فيرون أن السيدة فاطمة الزهراء (ض) هي في المرتبة الأولى، ثم تليها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (ض) ثم تليها أم المؤمنين عائشة (ض)، إلا أن هذا الترتيب لا يستند إلى نص صريح أو حديث صحيح ثابت، بل مرجعه اجتهاد العلماء ووجهات نظرهم الخاصة، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة مناقب وفضائل هؤلاء العبقريات الثلاث. ولذلك اختار بعض العلماء التوقف في مسألة التفضيل بينهن، بينما خالف العلامة ابن حزم (ح) في هذه المسألة كل العلماء وزعم أن أم المؤمنين عائشة (ض) أفضل الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس في النساء فحسب بل في الرجال كذلك. وبرهن على دعواه بأدلة وحجج أوردها في كتابه ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) مبحث فضائل الصحابة.

وأنا أميل في هذه المسألة إلى رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اللذين يقولان: إن جهات الفضل بينهما متفاوتة كما قاله ابن تيمية، قال في الفتح: وكأنه رأى التوقف، وقال ابن القيم: إن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله فذلك أمر لا يطلع عليه، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإن أريد كثرة العلم فعائشة لا محالة، أو شرف الأصل ففاطمة لا

<<  <   >  >>