للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالأعراب، هم أهل باديتنا ونحن أهل حاضرتهم، وإذا دعوا أجابوا، فليسوا الأعراب)) (١) قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أنهم يعرفون أحكام الشريعة، وإذا دعوناهم إلى نصرة الدين فإنهم يجيبون ولا يترددون، إذن هم ليسوا من الأعراب.

ولما سمعت قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يدخل أحدا الجنة عمله)) فاستغربت من قوله: ((فإنه لا يدخل أحدا الجنة عمله)) لظنها أن المعصومين يستثنون من هذه القاعدة العامة، فسألت: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة)) (٢).

ورأت مرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن ينام قبل أن يوتر، فقالت: يا رسول لله أتنام قبل أن توتر؟ قال: ((يا عائشة إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي)) (٣).

قد تبدو هذه الأسئلة من قبيل سوء الأدب لأولئك الذين لا يدركون حقيقة الأمور، ولا يتعمقون في التفكير، لكن الواقع الذي لا ينازع فيه اثنان أنه لو لم تكن هذه الجرأة النسائية لتوجيه الأسئلة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستفسارات عن الإشكالات، لما أمكن اليوم لأبناء الأمة المحمدية أن يطلعوا على حقيقة النبوة، وبغض النظر عن هذه الأسئلة والمناقشات العلمية والمباحث الدراسية فهناك جانب آخر مهم ألا وهو مراقبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل أعمال وحركات عائشة (ض) وإيلاؤه إياها اهتماما بالغا، فكان - صلى الله عليه وسلم - ينبهها على زلاتها، ويربيها ويعلمها بعناية فائقة، ولم يفتأ رويدا رويدا يشركها في العبء الذي ينبغي أن تنهض به زوجة النبي وأم المؤمنين وسفيرته الأولى إلى عالم النساء.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ١٤٢/ ٤ رقم ٧١٦٨ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١٤٩/ ٤ باب ثواب الهدية والثناء والمكافأة، وأحمد في المسند ١٣٣/ ٦ برقم ٢٥٠٥٤، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٢٩٤/ ٨، وأورده ابن عبد البر في الاستيعاب ١٩٤٢/ ٤،وابن حجر في الإصابة ٨/ ٢٣٣.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الرقاق برقم ٦٤٦٧، وسلم في صحيحه كتاب صفة القيامة والجنة والنار برقم ٢٨١٨.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب صلاة التراويح برقم ٢٠١٣، ومسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين وقصرها برقم ٧٣٨.

<<  <   >  >>