للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبرته بما حدث، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ فقالت: نعم)) (١).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد السفر أقرع بين نسائه، فمرة طارت القرعة لعائشة وحفصة. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث، فقالت لها حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري؟ وأركب بعيرك؟ تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبت، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جمل عائشة وعليه حفصة، فسلم عليها ثم سار، حتى نزلوا، وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلت رجلها بين الإذخر، وتقول: ((يا رب سلط علي عقربا، أو حية تلدغني، رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئا)) (٢).

وإذا تأملنا في الفقرة الأخيرة من الحديث تبين لنا مدى غيرتها الشديدة، والأنوثة التي فيها، والمنافسة القوية التي كانت فيما بين الضرائر.

ولما آلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من نسائه لمدة شهر وأقام في مشربة له عند حجرة عائشة، واعتزلهن، كان لهذا أثر عميق على أمهات المؤمنين، وإذا هن يبكين


(١) تعددت الألفاظ لهذا الحديث إلا أن فحواها واحد، وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة (ض) قالت: لما كانت ليلتي التي هو عندي - تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - -انقلب فوضع نعليه عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه، فلم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت، ثم انتعل رويدا، وأخذ رداءه رويدا، ثم فتح الباب رويدا، وخرج رويدا، وجعلت درعي في رأسي واختمرت، وتقنعت إزاري، وانطلقت في إثره، حتى جاء البقيع فرفع يديه ثلاث مرات، فأطال، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت وسبقته، فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت،
فدخل فقال: ما لك يا عائشة حشيا رابية، قالت: لا، قال: لتخبريننى أو ليخبزني اللطيف الخبير، قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته الخبر، قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قالت: نعم ... الحديث.
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز برقم ٩٧٤، والنسائي في سننه كتاب الجنائز رقم ٢٠٣٧ وفي كتاب عشرة النساء رقم ٣٩٦٣/ ٣٩٦٤، وأخربه ابن ماجه مختصرا في سننه كتاب ما جاء في الجنائز برقم ١٥٤٦، وكتاب إقامة الصلاة والسنة فيها برقم ٣٨٩، والترمذي في سننه كتاب الصوم برقم ٧٣٩.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح رقم ٥٢١١، ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٤٥، وابن ماجه في سننه الجزء الأول من الحديث كتاب النكاح برقم ١٩٧٠.

<<  <   >  >>