للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما حكم المسألة، فالأولى أن يؤمّ الناس أقرؤهم لكتاب الله، وسيأتي الدليل على ذلك إن شاء الله.

قال: (ويؤمُّ الرجلُ بالنساءِ لا العكس)

أما إمامة الرجل للنساء فأدلتها كثيرة، منها ما في «الصحيحين» عن أنس قال: قمت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا واليتيم، والعجوز من ورائنا (١).

وكانت النساء يصلين خلف الرجال في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في «الصحيحين» (٢).

وأما إمامة النساء للرجال، فلا تجوز في الفرائض بالاتفاق (٣).

وأما في النوافل، فالصحيح أنها لا تؤمّهم أيضاً، فلم يرد في السنة ما يدلّ على جواز إمامتها للرجال، وقد جاءت الشريعة بالتفريق بين الرجال والنساء في التقديم والتأخير في الصلاة، فجعلت النساء خلف الرجال، فلا يجوز تقديمهن إلا بدليل صحيح خاص بهنّ.

ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» (٤)، والصلاة من أمرنا، ومن ائتم بالمرأة فقد ولّاها أمر صلاته.

وأما الذين قالوا بجواز إمامة النساء للرجال في النوافل، فقد استدلّوا بحديث أم ورقة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تؤم أهل دارها، وفيهم رجال» (٥).

وللمرأة أن تؤم النساء وتقف وسطهن كما فعلت عائشة رضي الله عنها (٦).


(١) أخرجه البخاري (٣٨٠)، ومسلم (٦٥٨) عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) منها ما أخرجه البخاري (٣٦٢)، ومسلم (٤٤١) عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
(٣) قال ابن حزم: «واتفقوا أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة، فإن فعلوا فصلاتهم فاسدة بإجماع». «مراتب الإجماع» (ص ٢٧).
(٤) أخرجه البخاري (٤٤٢٥) عن أبي بكرة - رضي الله عنه -.
(٥) وهو حديث ضعيف أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٧٢٨٣)، وأبو داود (٥٩٢) عن أم ورقة بنت عبد الله بن نوفل الأنصارية.
وهو معلّ بالاضطراب والجهالة.
وقد حقق القول فيه ابن الملقّن في «البدر المنير» (٤/ ٣٨٩).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١/ ٢٠٢)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (٣/ ١٤١) والحاكم في «المستدرك» (١/ ٣٢٠) وغيرهم.

<<  <   >  >>