قال المؤلف - رحمه الله -: (إن كان التركُ عَمْداً -لا لِعُذْرٍ - فَدَيْنُ اللهِ تعالى أحقُّ أن يُقْضى)
الفائتة إما أن تكون فاتت لعذر كما سيأتي، وإما أن تكون فاتت لغير عذر كتكاسل مثلاً، أو كما يقول بعض الناس كنت في السوق أو كنت في سهرة أو ماشابه، فهل تقضى الصلاة الفائتة لغير عذرٍ؟
هذه المسألة مبنية على مسألة أصولية وهي، هل القضاء يكفي فيه دليل وجوب العبادة، أم لا بد من دليل جديد يطلب القضاء؟ !
أي حين أمر الله بصلاة الظهر في وقت معين، ثم أخرجتها أنت عن وقتها، وفعلتها خارجه، فهل فعلها خارج وقتها مبني على أنه أمرك بفعلها في وقتها، أم لابد أن يكون عندك دليل جديد يطلب منك عملها خارج وقتها؟
الراجح: الثاني، أي أنه لا بد من دليل جديد يطلب منك عملها خارج وقتها - وهو قول الأكثر - وذلك لأن اقتران العبادة بوقت معين يدلُّ على أن مصلحة العبادة مختصة بذلك الوقت، إذ لو كانت المصلحة في غيره لما خصصت به، فيحتاج القضاء إلى أمر جديد كي يدل على بقاء المصلحة خارج الوقت.
واختلف القائلون بالأمر الجديد، هل الصلاة الفائتة لها أمر جديد أم لا؟
الذين قالوا: لها أمر جديد، استدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال:«نعم، فدين الله أحق أن يُقضى» متفق عليه (١).
قالوا: الصلاة الفائتة من دَيْنِ الله.
وأجاب الآخرون: بأن هذا الحديث في حق المعذور، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا في صيام النذر المطلق الذي ليس له وقت محدد الطرفين، كما في رواية في «الصحيحين».
وقد أشبع ابن القيم المسألة بحثاً وتحقيقاً في «الصلاة وأحكام تاركها».
(١) أخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨) عن ابن عباس - رضي الله عنه -.