ثم لو لم تجب لها الخطبتان لكانت كغيرها من الصلوات، ولا يستفيد الناس من التجمع لها، والمراد من التجمع لهذه الصلاة الموعظة وتذكير الناس.
ثم إنه عليه السلام واظب على الخطبتين في الجمعة، وهذا بيان لصفة صلاة الجمعة.
وقول المصنف:(وهي كسائر الصلوات) يدل على أنها لا يشترط لها الإمام الأعظم كما يقول البعض، ولا العدد المخصوص، ولا المِصْرُ الجامع، فكل هذا لا دليل عليه، ولكن يشترط لها الجماعة للحديث المتقدم.
قال المصنف:(ووقتُها وَقْتُ الظُّهْرِ)
لكونها بدلاً عن الظهر.
واختلف أهل العلم، هل يجوز أن تصلى قبل زوال الشمس؟
جمهور أهل العلم على أن وقتها وقت الظهر ولا تصحّ قبل الزوال.
وهو الصواب، فالأحاديث التي يستدل بها المخالفون محتملة وليست واضحة فيما ذهبوا إليه، فلا تفيد غلبة ظن، ومنها ما هو ضعيف.
وبوب البخاري في «صحيحه»: «باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس»
قال: وكذا يُذكر عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث، وذكر أحاديث.
قال المؤلف - رحمه الله -: (وعلى من حَضَرَها ألا يَتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ)
لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، قال عبد الله بن بُسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجلس فقد آذيت»(١)
وأذيّة المؤمن محرمة.
ويستثنى من ذلك الإمام إذا لم يمكنه الوصول إلى مكانه إلا بذلك، ومكانه متقدم فلابد له منه.
(١) أخرجه أحمد في «المسند» (١٧٦٩٧)، وأبو داود (١١١٨)، والنسائي (١٣٩٩) عن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه -.