للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحيح أن المسافر مسافر ما لم ينو واحداً من أمرين:

الإقامة المطلقة: وهي أن ينوي الإقامة في البلد الذي نزله دون أن يقيد إقامته بزمن أو بعمل كسفراء البلدان مثلاً.

الاستيطان: وهو أن ينوي أن يتخذ البلد الذي نزله وطناً له، فلا نية له في الخروج منه.

قال المؤلف - رحمه الله -: (وإذا عزمَ على إقامةِ أربعٍ أتمَّ بَعْدَها)

يستدلون لذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في حجة الوداع وأقام في مكة أربعة أيام يقصر الصلاة ثم خرج.

وكان عليه السلام قد عزم على الإقامة في مكة أربعة أيام لأنه قدم إلى الحج ولا ينصرف قبل الحج.

وهذا الدليل لا يصلح للاستدلال به لما ذكروا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة اتفاقاً، وبقي فيها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى مِنى، فما أدرانا أنه لو قدم في اليوم الثالث أو الثاني أتمَّ؟ فما حصل اتفاقاً لا يصلح أن يستدلّ به.

فالصواب ما ذكرنا سابقاً.

قال المؤلف: (وله الجَمْعُ تَقْديماً وتَأخِيراً)

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإذا زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب. متفق عليه (١)

فهذا فيه جمع تأخير.

وفي حديث معاذ «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار» (٢).


(١) أخرجه البخاري (١١١١)، ومسلم (٧٠٤) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٠٩٤)، وأبو داود (١٢٢٠)، وأصله عند مسلم (٧٠٦).

<<  <   >  >>