للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعيادة المريض مشروعة بالاتفاق (١)، ولكن اختلف أهل العلم في حكمها، فقد نقل النووي رحمه الله الإجماع على أنها ليست واجبة وجوباً عينياً (٢).

والواجب في شرع الله هو ما أمر به الشارع أمراً إلزامياً، أي أمراً جازماً، أي أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالفعل وألزمنا بفعله فمن لم يفعله فهو مُعِّرض نفسه للعقاب.

والواجب ينقسم إلى قسمين: واجب عيني وواجب كفائي.

ونعني بالواجب العيني، أن كل مسلم مكلف مطلوب منه أن يعمل هذا العمل مثل الصلاة والصيام وغيرها، فهذا يسمى واجباً عينياً.

أما الواجب الكفائي، فنعني به أنه الذي إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

أي أن يطلب الله سبحانه وتعالى منا أو يأمرنا بفعل ليس المقصود أن يفعله زيد أو بكر لكن المقصود أن يُفعل هذا الفعل، مثل دفن الميت.

فدفن الميت واجب كفائي، واجب على جميع الأمة أن تدفن هذا الميت، فإذا لم يدفنه أحد أثم كل من علم به ولم يفعله، لكن إذا دفنه واحد سقط هذا الوجوب عن جميع الأمة، فالمطلوب الأساسي من الأمر هو الفعل، أن يُفعل بغض النظر عن فاعله. هذا معنى الواجب الكفائي.

طلب العلم الشرعي ووجود علماء في الأمة واجب كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الباقين وإذا لم يقم به أحد أو قام به بعض لا يكفون يبقى هذا الحكم معلقاً في رقاب الأمة حتى يقوموا به وإلا أثموا عند الله تبارك وتعالى.

هذا معنى الواجب الكفائي أنه إذا قام به بعض الأمة سقط عن جميع الأمة.

فهنا نقل النووي - رحمه الله - الاتفاق على أن عيادة المريض ليست واجباً عينياً، يعني إذا سمعنا بأن فلاناً مريض، فلا يجب على كل واحد منا أن يذهب ليزوره، فلو ذهب واحد وزاره سقط هذا الواجب لأن الصحيح أنه واجب كفائي.

هذا من حيث الوجوب، لكن إذا ذهب جمع فهو مستحب لا بأس به، فهو واجب كفائي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله من حقوق المسلم على المسلم، فمن حق المسلم على المسلم، أن يزوره


(١) قال ابن حزم: «واتفقوا على أن عيادة المريض فضل» «مراتب الإجماع» (ص ١٥٧).
(٢) قال النووي: «أما عيادة المريض فسنة بالإجماع» «شرح صحيح مسلم» (١٤/ ٣١).

<<  <   >  >>