للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالحديث السابق ضعيف وإذا كان ضعيفاً فلا يعمل به، لأن العمل لا يكون إلا بالحديث الصحيح، والحديث الصحيح هو ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله، أما الحديث الضعيف فأنه ما لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله.

فهذا الحديث، ضعفه الدارقطني وهو إمام كبير من علماء الحديث ومتخصص في علم العلل، وكذلك ضعفه ابن القطان الفاسي وهو من علماء هذا الشأن الكبار.

فقراءة سورة يس على الميت لا تصح، لأنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حضر أقواماً يحتضرون ومع ذلك لم يصحّ عنه أنه قرأ القرآن عليهم ولا أمر بذلك ولا رغب فيه.

قال المؤلف - رحمه الله: - (والمبادَرَةُ بتَجْهيِزِهِ إلا لتَجْويزِ حياته)

أي من السنة الإسراع في تجهيز الميت بتغسيله وتكفينه ودفنه إلا إذا احتملنا أن يكون حيّاً، ولم نتأكد من موته، فلا نسرع في تجهيزه لئلا ندفنه وهو حي.

والأحاديث التي استدل بها المؤلف ضعيفة لا تصح، ولا يحتج بها، ضعفها الترمذي والحافظ وغيرهما.

ولكن الإسراع بتجهيزه أفضل خشية أن يتغير الميت.

وأصح ما استدل به من قال بسنية الإسراع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أسرعوا بالجنازة»، والمراد بذلك عند حمله والذهاب به إلى قبره لا الإسراع من البداية وإن كان الحديث يحتمل ذلك، لكن سياقه يدل على أن المراد من الإسراع بالجنازة بعد حملها على الرقاب فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فإنه إما أن يكون خيراً فتقدمونها إليه أو أن يكون شراً فتضعونه عن رقابكم» (١)، فقوله تضعونه عن رقابكم» قرينة تدل على أن الأمر بالإسراع عند الحمل على الرقاب.

وهذا المعنى هو الذي ذكره القرطبي والنووي.

قال المؤلف رحمه الله: (والقضاءُ لدينه)

أي من السنة أيضاً المبادرة بالقضاء لدينه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - امتنع من الصلاة على الميت الذي عليه دين حتى التزم بذلك بعض الصحابة فصلى عليه، كما جاء في حديث سلمة بن الأكوع في «الصحيح» قال: كنا جلوساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أُتي بجنازة فقالوا: صلِّ عليها، فقال: «هل عليه دين؟ » قالوا: لا، قال: «فهل ترك شيئاً» قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة


(١) أخرجه البخاري (١٣١٥)، ومسلم (٩٤٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>