للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورد في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - امتنع من الصلاة على الغّال في غزوة خيبر، وهذا الحديث هو الذي استدل به المؤلف على ما ذكر.

لكن في نفس الحديث قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا على صاحبكم» (١) , فيدل هذا على أن الغّال لا تترك الصلاة عليه مطلقاً، بل لابد أن يُصلى عليه كبقية المسلمين, بل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عليه.

وأما امتناعه - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة عليه، فيُدل على أنه يشرع في هذه الحالة للإمام أو لمن كانت له مكانة في نفوس الناس أن يترك الصلاة على الغّال وعلى من فعل كبيرة من الكبائر ومعصية من المعاصي وبقي عليها، ليكون زاجراً لغيره عن هذا الفعل، فإذا عُرف أن مثل هذا الإمام أو الرجل الصالح لم يُصلِ عليه ولم يدعُ له بعد موته، فربما يكون هذا زاجراً لغيره عن فعلته.

قال: (وقاتلِ نفسه).

لما أخرجه مسلم في «صحيحه»: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - , أُتي برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يُصلِّ عليه» (٢).

المشاقص، جمع مِشْقَص: وهي نصل السهم، أي الحديدة التي هي رأس السهم الجارح.

وهذا كالذي قبله تماماً، فإن قاتل نفسه مسلم - وإن كان قتل نفسه - ولكنه ارتكب عظيمة من العظائم، وجريمة كبيرة في حق نفسه، وإثم عظيم عند الله , وقد توعَّد الله فاعل ذلك بعذاب جهنم.

وورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة» (٣).

وقال في حديث آخر: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوّجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً» (٤).


(١) أخرجه أحمد (٣٦/ ٩)، ومالك (٢/ ٤٥٨)، وأبو داود (٢٧١٠)، والنسائي (١٩٥٩)، وابن ماجه (٢٨٤٨) وغيرهم.
(٢) (٩٧٨).
(٣) أخرجه البخاري (٦٠٤٧)، ومسلم (١١٠).
(٤) أخرجه البخاري (٥٧٧٨)، ومسلم (١٠٩).

<<  <   >  >>