للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي لا فرق بين الماء المتحرك والساكن، وهذه المسألة الخامسة من مسائل الباب.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم جواز التطهر بالماء الراكد، واحتجوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» (١).

والرد عليه في نفس الحديث، فقد سأل السامعون أبا هريرة، فقالوا: يا أبا هريرة كيف يَفعل؟ قال: يتناوله تناولاً.

فأجاز التطهر به، وراوي الحديث أدرى بمرويه، ولو لم يكن مطهراً لما أجاز التناول منه.

وأجاب بعض أهل العلم الذين يقولون إن الماء الساكن مطهر، بأن علة النهي عن الاغتسال فيه من الجنابة كونه يصير مستخبثاً بتوارد الاستعمال فيبطل نفعه، فالنهي لسد الذريعة لا لشيء آخر، ويدل على ذلك قول أبي هريرة السابق

ثم قال المؤلف - رحمه الله -: (وَمُسْتَعْمَلٍ وغيرِ مُسْتَعْمَلٍ)

هذه المسألة السادسة.

اختلف أهل العلم في الماء المستعمل لعبادة من العبادات، هل يخرج بذلك عن كونه مطهراً؟

فلو أنك توضأت أو اغتسلت، وجمعت الماء الساقط من وضوئك أو غسلك، فهل يجوز لك أن تتوضأ بهذا الماء أو تغتسل أم لا؟ وهو ما يسمى عند العلماء بالماء المستعمل.

اختلف أهل العلم في ذلك، فالبعض قال: هو طاهر ومطهر. والبعض قال: هو نجس. والبعض قال: هو طاهر، لكنه غير مطهر.

وكل احتج بأدلة، والصحيح أنه طاهر مطهر.

والدليل على أنه طاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه (٢)، ولو كان نجساً لما قربوه.


(١). أخرجه مسلم (٢٨٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري (١٨) و (٢٧٣١) من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة.

<<  <   >  >>