للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا في تفريقهم: إذا وقعت النجاسة في الماء القليل نجسته سواء غيرت أوصافه أم لا، وأما في الماء الكثير فلا تنجسه حتى تغير أحد أوصافه. ثم اختلفوا في ضابط التفريق بين القليل والكثير، فقال بعضهم بالتفريق ما بين القلتين وما دونهما.

قال المؤلف - رحمه الله -: (وما فوقَ القُلَّتَيْنِ وما دونهما)

أي لا فرق بين الماء القليل الذي ضابطه أن يكون أقل من قلتين، وما فوقهما

والتفريق بين ما فوق القلتين وما دونهما تحديد من بعض أهل العلم، ومنهم الشافعية، فالشافعية مثلاً وغيرهم قالوا: ما كان أكثر من قلتين، إن سقطت فيه النجاسة، ولم تغير أحد أوصافه الثلاثة، يبقى طاهراً، أما إذا كان دون القلتين، فيصير نجساً بمجرد أن تسقط النجاسة فيه، واختلفوا في القلتين، في مقدارهما.

والقلتان: تثنية قلّة، والقلّة: الجرّة الكبيرة، وقد اختلفوا في تقديرها اختلافاً كثيراً.

فبعضهم يقول: قدرها مائة وستون لتراً، وبعضهم قال: مائتا لتر، وبعضهم: مائتان وخمسون، ومائتان وخمسة وسبعون، والبعض: ثلاثمائة، فاختلفوا في أصل قدر القلتين واضطربوا فيه اضطراباً كثيراً، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يضع ضابطاً بمثل هذه المقادير التي يُختلف فيها، ولا يُعرف قدرها.

واعتمدوا في هذا على حديث «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء» (١)،

لكن هذا الحديث في صحته خلاف ونزاع بين أهل العلم، والصحيح هو ما رجّحه الإمام المزّي، وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله - أنه حديث ضعيف فيه اضطراب، والأقرب إلى الصواب أن يكون موقوفاً على ابن عمر - رضي الله عنه - أي من كلامه. والله أعلم.

وهذا أقوى ما يحتج به من فرَّق بين القليل والكثير. والراجح أنه لا فرق بين القليل والكثير.

ثم قال - رحمه الله -: (وَمُتَحَرِّكٍ وساكِنٍ)

الماء الساكن كماء المستنقعات، والمتحرك كماء الأنهار


(١) أخرجه أحمد (٤٦٠٥)، وأبو داود (٦٥)، والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢)، وابن ماجه (٥١٧) عن ابن عمر - رضي الله عنه -.

وهو ضعيف، والصحيح وقفه على ابن عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>