للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم أصل الزيارة جائز، لكن تخصيصها بيوم العيد لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا فعله صحابة رسول الله رضوان الله عليهم أجمعين، فلو كان هذا العمل مشروعاً لفعلوه وهم أحرص منا على الخير بكثير.

وفعلنا لهذا الأمر مع علمنا بعدم فعلهم له يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (١)، لأن تخصيص العبادة في زمن معين أمر تشريعي من عند الله لا من عند أنفسنا، فلا يجوز لنا أن نخصص أي عبادة من العبادات بوقت معين في يوم معين أو شهر معين إلا أن يكون عندنا دليل من الكتاب أو السنة وإلا كان العمل مردوداً على صاحبه كما قال - صلى الله عليه وسلم -.

قال - رحمه الله -: (ويقفُ الزائرُ مستقبلاً القبلةَ)

لِما صحّ من حديث البراء: «أنه جلس - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة لمَّا خرج إلى المقبرة» (٢).

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنَّا إن شاء الله بكم للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية» (٣).

فهذا الحديث يدل على سنية هذا الذكر عند الخروج إلى المقابر.

قال: (ويَحْرُمُ اتِّخاذُ القبورِ مساجدَ)

الأحاديث التي تدل على ذلك كثيرة، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٤).

قالت عائشة - بعد أن روت هذا الحديث - «يحذِّر ما صنعوا»، أي احذروا من أن تتخذوا قبور أنبيائكم مساجد.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أولئك قوم إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوَّروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله» (٥).


(١) أخرجه مسلم (١٧١٨)، وعلَّقه البخاري بهذا اللفظ.
(٢) أصل الحديث أخرجه غير واحد، وبزيادة استقبال القبلة أخرجه أبو داود (٣٢١٢)، وابن ماجه (١٥٤٨) وغيرهم، وهي زيادة محفوظة.
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٥).
(٤) أخرجه البخاري (٤٣٥)، ومسلم (٥٣١).
(٥) أخرجه البخاري (٤٢٧)، ومسلم (٥٢٨).

<<  <   >  >>