للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «إلا أن يشاء المصدق» أي إلا أن يشاء المُصّدِّقُ - وهو صاحب المال - إخراج التيس، لأن في أخذه ضرراً على المصَّدِّق، والمنع من أخذه لمصلحته، فإن أذن فيه أو رأى أن لا ضرر عليه في ذلك، أُخِذ.

وتقاس عليه الأشياء التي ذكرها المصنّف مما يعود بالضرر على صاحب المال.

وقد ورد أيضا في «البخاري» و «مسلم» من حديث معاذ المعروف، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ... » ثم قال في نهاية الحديث: «وإياك وكرائم أموالهم» (١).

هذا يدل على أن الكريم من مال الشخص لا يُؤخذ في الزكاة، بل يُؤخذ الشيء المعتدل المتوسط، لا النفيس ولا الرديء.

وأما بالنسبة للهرمة وذات العوار، فلا تؤخذ لأن الضرر فيها عائد على الفقير.

وأما الصغيرة فقد بوب البخاري في «صحيحه»: «باب أخذ العناق في الصدقة» وذكر فيه حديث أبي بكر قوله: «والله لو منعوني عَنَاقاً لقاتلتهم عليه» (٢).

والعناق من أولاد المعز، وهي التي لم تستكمل السنة.

قال الحافظ: «وكأن البخاري أشار بهذه الترجمة السابقة إلى جواز أخذ الصغيرة في الصدقة».

فالصحيح أنها تؤخذ.

مسألة: إذا لم يوجد عند صاحب الإبل السن المطلوبة، فماذا يفعل؟

جاء في نفس حديث أنس في «صحيح البخاري» ما يفعل عند ذلك، فقال في الحديث بأنه يؤخذ منه الأعلى أو الأدنى.

فلنقل مثلاً بأن مالكاً قد ملك أربعين رأساً من الإبل، ووجبت عليه بنت لبون، ولا يملكها، فإنه بالخيار بين أمرين، إما أن يخرج ما هي أعلى من بنت اللبون، وهي الحقة، وهنا لا بد على جامع الصدقة - وهو الشخص الذي يخرجه ولي الأمر ليجمع الصدقة - يجب عليه


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥٦) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>