وهذه الأصناف الأربعة - غير الذرة - هي التي حصل الإجماع عليها وورد فيها النص.
لكن المصنف وبناء على تصحيحه للرواية التي فيها زيادة ذكر الذرة، حصر الزكاة في خمس.
وبحصر الزكاة في هذه الأصناف الأربعة قال جمع من العلماء، منهم: ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والحسن البصري، والثوري، والشعبي وغيرهم، قالوا: إن الزكاة في النباتات لا تجب إلا في هذه الأصناف الأربعة، وهو الصحيح، وبه نأخذ، لأن حديث معاذ المتقدم يدل على ذلك فإنه لما ذهب إلى اليمن، لم يأخذ الزكاة إلا من هذه الأربع، فتخصّص عموم الأدلة به.
وقاس بعض العلماء على هذه الأربعة غيرها، فقال: كل ما يقتات ويدّخر ففيه زكاة.
وفي هذه المسألة خلاف كبير بين العلماء، فمنهم من جعل الزكاة في الأصناف الأربعة بناء على حديث معاذ، والبعض صحح الحديث وزاد الذرة، والبعض الآخر قاس عليها غيرها وجعلوا فيه زكاة، ولكنهم اختلفوا في العلة.
والمذاهب في هذه المسألة كثيرة فمذهب أبي حنيفة يختلف عن مذهب مالك ومذهب مالك يختلف عن مذهب الشافعي، ومذهب الشافعي يختلف عن مذهب أحمد وهكذا.
أما بالنسبة للزيتون، فقد اختلفوا فيه، فالشافعي في أحد قوليه قال: لا زكاة فيه، لأنه ليس قوتاً، أما مالك، فقال: فيه زكاة، لأنه قوت.
فكلاهما قال: ما يقتات فيه زكاة، لكنهم اختلفوا، هل الزيتون قوت أم لا؟
والصحيح أنه ليس قوتاً، لأنه لا يُكتفى به في إقامة الجسم، وإنما هو إدام، وبناء عليه، فلا زكاة فيه، حتى مع التعليل الذي ذكروه.
ولا ينظر إلى الحول في زكاة النباتات، وإنما تجب الزكاة في الزروع إذا اشتد الحبّ، أي قوي وصار شديداً لا ينضغط بضغطه، ويجب في الثمار إذا بدا صلاحها، ويعرف ذلك باحمرار البلح، وجريان الحلاوة في العنب.
فإذا تحقق ذلك انعقد سبب وجوب الزكاة، فتجب، ولا يجب عليه أن يخرجها في الحال على تلك الحال.