ولا يجوز أخراج القيمة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عيّن الطعام، فلا عدول عنه إلى غيره إلا بدليل صحيح، وهذا قول جمهور علماء الإسلام.
وقد انتشر اليوم القول الآخر، وهو جواز إخراج القيمة، وهو قول أبي حنيفة، لضعف تعظيم السنة والحديث عند كثير من المفتين في هذا الزمن، فأخذوا يفتون بآرائهم، وصار عندهم المعتمد هو ما ترجِّحُه عقولهم لا ما يرجّحه الدليل من الكتاب والسنة.
إنما يفعلون هذا بدعوى أنها مصلحة الفقير.
ويرد عليهم، بأن المعتبر في زكاة الفطر هي مصلحة الفقير في الإشباع فقط، وليست مصلحة الفقير مطلقاً، وجاء هذا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وطعمة للمساكين»(١) فيدل هذا على أن المراد من صدقة الفطر، هو عدم حاجته للطعام، وهذه المصلحة تتحقق بإخراج القوت.
أما مصلحة الفقير العامة، فهي متحققة بإخراج زكاة المال وغيرها من الصدقات، وفي وجوب النفقات على من تجب عليهم، فلا داعي للتوسّع الذي لا معنى له، ومصلحته متحققة في إخراج صدقة الفطر طعاماً وإخراجها هكذا يغنيه عن طلب الطعام في ذلك اليوم.
وهذا هو قول أئمة الإسلام وأهل الحديث، وإنما خالف في هذا أهل الرأي.
وقوله (عن كل فرد) أي صاعاً عن كل واحد ممن تجب عليه نفقته.
أي إذا كان رب العائلة ينفق على خمسة أولاد، فيجب عليه أن يخرج صدقة الفطر عن نفسه وعن هؤلاء الخمسة.
قال - رحمه الله -: (والوجوب على سيد العبد، ومِنْفِقِ الصغير ونحوه)
قوله (والوجوب على سيد العبد) أي أن وجوب صدقة الفطر على سيد العبد، لأن العبد - كما قدّمنا - لا يملك، والذي يجب أن ينفق عليه هو سيده.
قوله (ومنفق الصغير) أي تجب صدقة الفطر على من ينفق على الصغير، إذا لم يكن له مال، فتجب صدقة الفطر على من وجبت عليه النفقة.