للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما روث وبول ما يؤكل لحمه فهو طاهر، يدل على ذلك حديث أنس قال: «قدم أناس من عُكل أو عُرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلِقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها» متفق عليه (١).

والشاهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لهم بالشرب من أبوال الإبل والنجس يحرم شربه.

وكذلك لم يأمرهم - صلى الله عليه وسلم - بغسل ما يصيبهم منه، ولا بدّ من ذلك.

وصحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رخّص في الصلاة في مرابض الغنم (٢) وهي لا تخلو من روثها وبولها، وغيرُ الإبلِ والغنمِ مما يؤكل لحمه يقاس عليها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وبول ما أكل لحمه وروثه طاهر لم يذهب أحد من الصحابة إلى تنجسه، بل القول بنجاسته قول محدث لا سلف له من الصحابة» انتهى (٣)

وأما روث ما لا يؤكل لحمه كالبغال والحمير، فنجس عند جمهور العلماء، وهو الصحيح ودليله حديث ابن مسعود، قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائطَ، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين وروثة فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: «هذا رجس أو ركس» أخرجه البخاري (٤).

ثم قال - رحمه الله -: (ودمُ حَيْضٍ)

لحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم حيض، فكيف تصنع؟ قال: «تحتُّه ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه» متفق عليه (٥).


(١) أخرجه البخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) أخرج مسلم (٣٦٠) عن جابر بن سمرة، أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: «إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ قال أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: «نعم فتوضأ من لحوم الإبل» قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: «نعم» قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: «لا».
وأخرج البخاري (٢٣٤)، ومسلم (٥٢٤) عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم.
ومرابض الغنم: مأواها، أي المكان الذي تبيت فيه.
(٣) «الفتاوى الكبرى» (٥/ ٣١٣).
(٤) أخرجه البخاري (١٥٦) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٥) أخرجه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها.

<<  <   >  >>