للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأمر بغسل دم الحيض والتشديد فيه قبل الصلاة في الثوب، يفيد ثبوت نجاسته، وقد اتفق العلماء على نجاسته (١).

ثم قال - رحمه الله -: (ولحمُ خنزيرٍ)

والدليل على نجاسته قوله تعالى {قل لا أجد فيما أُوحي إليّ مُحرّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس} أي نجس، ونقل بعض أهل العلم الاتفاق على نجاسة لحمه، وكذلك لحم الميتة (٢).

ثم قال - رحمه الله -: (وفيما عدا ذلك خلاف)

اختلف أهل العلم في أشياء هل هي نجسة أم لا؟

من ذلك (المَذْيُ): وهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا يعقبه فتور، وربما لا يشعر بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة.

كذا قال النووي في «شرح مسلم».

وهو نجس على الصحيح، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغسل الذكر منه كما جاء في حديث علي في «الصحيحين»، قال: كنت رجلاً مذّاءً، وكنت أستحيي أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: «يغْسِلُ ذكَرَه ويتَوَضّأ» (٣).

وأما (المني) الذي يكون منه الولد، وهو سائل أبيض ثخين، وينزل عند اكتمال الشهوة وشدتها، ويكون بعده فتور وارتخاء، وهذا الماء طاهر على الصحيح وليس بنجس، بناء على الأصل في الأشياء، ولم يصح دليل يدل على نجاسة المني.

وكذلك (الخمر) ليس بنجس على الصحيح، وليس كلُّ محرَّمٍ نجساً، بينما كلُّ نجسٍ محرَّمٌ.


(١) انظر «المجموع» (٢/ ٥٥٧) للنووي، و «بداية المجتهد» (١/ ٨٣) لابن رشد، و «مراتب الإجماع» (١٩) لابن حزم، و «نيل الأوطار» للمؤلف (١/ ٥٨).
(٢) قال ابن حزم: «واتفقوا أن لحم الميتة وشحمها وودكها وغضروفها ومخها، وأن لحم الخنزير وشحمه وودكه وغضروفه ومخه وعصبه، حرام كله، وكل ذلك نجس» «مراتب الإجماع» (ص ٢٣).
والودك: دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه، والغضروف هو كل عظم يؤكل كرؤوس الأضلاع، فيكون بين اللحم والعظم.
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٩)، ومسلم (٣٠٣).

<<  <   >  >>